اوباما .. ليس المسيح المنتظر !
استمع العرب وبتلهف لخطاب اوباما وكأنه جاء الى القاهرة لإحداث انقلاب في السياسة الخارجية الامريكية والبعض راهن على انه سيزلزل الارض تحت أقدام القادة الإسرائيليين .. طبلت وزمرت وسائل الاعلام العربية منتظرة بشغف ما سيدلي به السيد اوباما .. كتب المفكر المصري (فهمي هويدي) مقالا تحت عنوان (نثق بنواياه لكن نشكك بقدرته !) وفعلا حتى لو صحت نواياه وهذا ما استبعده ..إلا انها ستصطدم بصخرة التعنت الاسرائيلي واللوبي الصهيوني المسيطر على ماكنة الادارة الامريكية !
هناك بعض النقاط الايجابية في خطابه والتي يجب ان نمسكها ونأخذها بحجمها دون المبالغة في المراهنة ودون تحكيم عواطفنا وهناك نقاط سلبية تدعونا للحذر والتيقظ واخذها على محمل الجد لما تمثله من استمرار في السياسة الامريكية .
اولا :دعوته لمصالحة العالم الاسلامي كانت دعوة صريحة لكنها مشروطة بمكافحة الارهاب دون ان يشير الى الارهاب ومغذيه ومسبباته الحقيقية ! فامريكا هي التي مارست وما زالت تمارس الارهاب ضد الشعوب المستضعفة !ودعوته تأتي ربما لتجييش العالم العربي والنظام الرسمي العربي للوقوف الى جانبه في مكافحة الارهاب !والاهم كيف ستتم هذه المصالحة ما دامت امريكا تحتل العراق وافغانستان وتطبق سيطرتها على الشعوب الضعيفة ؟!النظام الرسمي العربي ليس على خلاف مع امريكا ليتم دعوته للمصالحة !
ثانيا :اشارته الى وجوب اقامة دولة فلسطينية دون الاشارة الى طبيعة هذه الدولة وحدودها وسيادتها وهذه دعوة روتينية اطلقها الرؤساء الامريكيين من قبله .. فبوش دعى لاقامة الدولة الفلسطينية وكان اكثر تفصيلا لمشروعه المتمثل بخارطة الطريق .. ان لب القضية الفلسطينية لا يتوقف عند الدولة الغير واضحة المعالم بل هناك عدة مركبات تمثل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يقف في مركزها (حق العودة والقدس )!
ثالثا :لقد اجاز اوباما لنفسه تحديد مصير "القدس" ونسف شرعيتها الاسلامية وطابعها الفلسطيني مرددا السيموفينية الاسرائيلية !وهذا لم يجرؤ عليه أي رئيس امريكي سابق فقال ان مصير القدس سيكون مشتركا للثلاث ديانات مستشهدا بصلاة اسيادنا عيسى وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام بالقدس.. هذه النقطة أي تحديد مصير القدس وقبل البدء باية مفاوضات تثير تساؤلات عديدة حول مصداقية اوباما برعاية سلام عادل وشامل للمنطقة .
رابعا : تباهى اوباما بعلاقته مع اسرائيل مشددا على اهميتها وعدم امكانية كسرها !مستعرضا ما تعرض له اليهود من محارق ايام النازية ولم يشر من قريب او بعيد الى المجازر التي ارتكبتها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني مكتفيا بندب حال الفلسطينيين !واعدا بايجاد الحلول لقضيتهم !
هذه النقاط تكفي لقراءة خطاب اوباما وعدم المراهنة على تغير جذري في السياسة الامريكية اللهم الا تخفيف لهجة التأنيب ضد العالمين العربي والاسلامي !وقد يكون لهذه الملاطفة مبتغاها ..فاوباما يريد استقطاب العالم العربي بثرواته ومقدراته الاقتصادية للخروج من الأزمة المالية التي تواجه بلاده مرتكزا إلى تطمينات ليس لها أي رصيد يذكر !ويريد تلميع صورة بلاده التي تشوهت من خلال خطابات وتطمينات .. فالشعوب العربية بحاجة الى افعال وليس اقوال !
د. عدنان بكريه
التعليقات