لافكاك
اجمع ما تبقى من الاشياء المتناقضة المتناقصة ..لاملئ بها الفراغات والتفاهات.
هناك حيز فاغر فاه.. ينتظر ..وهنا اكداس يضيق بها المكان ..
واذ انهمك في توزيع الأشكال والألوان، أعني كذلك بايجاد وشائج ما بينها. وابذل جهدا ذهنيا كبيرا لاجعلها تبدو اكثر تناسقا.
وفي خضم هذا اللغط الداخلي الذي يحركني ويرسم خارطة وجودي..اجدني اكتب بالحدس مدفوعا بالحس وادواته او بشعور لا واع ازاء العلائق بين المختلفات والاضداد. بين المتعاكسات والنقائض. بين المتشاكسات والمتقابلات وحتى بين الممانع والمتنافر.
فلك ان تتخيل اي عظيم جهد ابذل ؟!
اصطدم فجأة بوجهك على شكل صورة ثم ياتي مع الريح صوتك ..ثم اشعر بلمسة كادت تمسح جسدي وتفتح مساماتي..اتنفس بعمق واذا بعطرك يغمر رئتي ..اختنق وانا ابتلع ريقي .. انت.!
اتحرك بعيدا عن الصورة ..فيثير ذلك غضب العنكبوت الذي يرقد في راسي ...يقفز مسرعا مشرعا باتقان صنعته ...مبتدعا فاطرا شبكة من الذكريات، تمتد خيوطها في كل مدى ..عقد تلتصق بعقد كما الايام والساعات والدقائق التي تتوالى.
تتسع الرؤى...شبكة بعد اخرى.
أسقط في الشباك. واتوه.
متى اتوب ؟!
اتوقف قليلا ..ثم اعيد نظري الى الصورة ..علني اجد فيها منفذا للهروب ..
أفلت من هنا لاسقط في الهناك.
هنا يتبع هناك في دوامة لا فكاك منها ..
والصورة تجهد في لفظ الشباك وما انفكت ..
أنتهي اخيرا ..متمسكا بخيط يتدلى ..ادعو ان أفلت والى الأبد. أسقط في قاع النسيان الذي طالما انتشلني منك .
المكان يتشظى ..حتى كأن له سعة احتواء الكون بما حوى.
وانا نقطة تتناهى.
التصق بالحاضر ...احاول ان امزق بسكين اللهو والعبث شبكات الماضي
انظر بعين الامل الى منطقة بعيدة ..منطقة الفردوس القادم.
تختفي الصورة ..وتلم الذاكرة بقاياها
انظر حولي ...ابعثر الاشياء كي اعيد ترتيب زمانها
خلسة. اقلب الصورة ...فيبدو جليا أمامي قفاك.
ارسم عليه وشما بوجه غادر ...ووجه خوان...ووجه خائن..ووجه ممن لا يمكن ان يكون محل ثقة .
يمتلئ ظهرك بالوجوه..اصفعك بعددها. فتتطاير .
تهب ريح الشمال لتأخذ بها إلى غير وجهة. والى غير رجعة.
كلْ يجر خلفه خيطا معلقا بشبكة.
امزق الصورة .
ييأس العنكبوت، فيلم اطرافه وينزوي من جديد .
التفت الى الاشياء التي ما زالت شاخصة تنتظر. والفراغات..والزمان المبعثر.
آمل بلا ملل ..أمل بلا امل.
اتشظى. كلما داهمتني وحدتي واسأل
ما الذي حصل ؟
تقول : حذرني الأصدقاء مع رفقة الغرباء !
أقسى الحديث هو الذي لا تعرف مقدار الالم الذي يتبعه.
واشد الالم ذاك الذي فيه ننتهي، قبل ان نصل!.
فيما أصعب الحوادث تلك التي تقطع طريق الوصول الى الهدف.
***
تاخذني الريح خلفك ..باحثا عن وجهك مرة أخرى.
اداعب اطراف العنكبوب رغبة في استفزازه، كما كل مرة. أعيد املاء الفراغات والتفاهات. يؤرقني جمع المتناقضات ...وايجاد الصور القديمة.
إحسان عبدالكريم عناد
التعليقات