شذوذ الذاكرة
على الطريق ..الذي خطه فنان كئيب في لوحة مهجورة ..يلتقيان. وعلى الرصيف القريب. هناك مقهى للذين يشعرون بسعادة غامرة حين يكونوا فرادى ..يجلسان ويشربان القهوة كل على حدة.خلف تلك الاشجار البعيدة التي تشكل غابة مكتظة بالاحزان الموحشة..كانا يمشيان دون ان يلتفت أحدهما للاخر .في أعلى الجبل الذي في أعلى اعلى اللوحة ..فيقطعه اطارها الخشبي هناك كوخ لا يكاد يرى ..يبدو كأنه ظل كوخ قديم يوشك ان يسقط في واد لا قاع فيه.هناك وعلى مائدة لم يلحظها احد لانها لم ترسم بعد.ترك الموارب لنا باب الخيال مفتوحا. فكأنهما الآنيجلسان مثل غريبين لا ينطقان ولا ينظران ولا يسمعان. ولا قلب في جوف احد منهم كي يضطر الكئيب ان يرسم في وسط اللوحة شكل نبضة متوقفة...عن السريان. يضع الالوان ...فتضيع بعض التفاصيل ..تتغير المعالم..والرموز تتحول إلى واقع معاش يضع ساقا على الاخرى ويضغط باسنانه على غليونه المصنوع من خشب الورد البري.ينفث دخانه. عل ذاك الدخان يستحيل اشباحا ..فيراها ارواحا هائمة او افاع نائمة او خيوطا ناعمة تتدلى من شجرة قائمة..يترك مرسمه لينظر الى الطريق من شباكه ..هناك مقهى وهناك جبل وهناك الكوخ ايضا ..يخرج منظاره...فترسم المرآة صورة للاشياء المقلوبة فيه. ثم يدخل ضوئها الى المنشور لتعتدل..حينها يرى ذلك الرجل وهو يحتضن المراة التي تجلس عنده ..يشعر بالملل فيترك الاشياء كما هي. عاجزا عن ترتيب فوضى لوحة تكاد تحطم الإطار.ويبقى حائرا في دوامة الاحاسيس التي تولد رؤية. والرؤية التي ترسم الأحاسيس.يدفع المرأة برفق عنه ..يقف عند الباب ثم يلتفت لينظر الفراغ الذي كان يحيطه. يلبس معطفه وياخذ قبعته..يتخذ ذات الطريق آيبا من الجبل .عابرا الغابة فالمقمهى...خارجا من الصورة بعد ان وقعها على عجل.
إحسان عبدالكريم عناد
التعليقات