.
.
  
.......... 
هالة النور
للإبداع
.
أ. د. عبد الإله الصائغ
.
.
د.علاء الجوادي 
.
.
.
.
.
.
.
ـــــــــــــــ.

.
.
.
.
.

..
....

.

  

ملف مهرجان
النور السابع

 .....................

.

.

.

 ملف

مهرجان
النور السادس

.

 ملف

مهرجان
النور الخامس

.

تغطية قناة آشور
الفضائية

.

تغطية قناة الفيحاء
في
الناصرية
وسوق الشيوخ
والاهوار

.

تغطية قناة الديار
الفضائية
 

تغطية
الفضائية السومرية

تغطية
قناة الفيحاء في بابل 

ملف مهرجان
النور الرابع للابداع

.

صور من
مهرجان النور الرابع 
 

.

تغطية قناة
الرشيد الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

.

تغطية قناة
آشور الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

 

تغطية قناة
الفيحاء
لمهرجان النور
في بابل

 

ملف مهرجان
النور

الثالث للابداع
2008

 

ملف
مهرجان النور
الثاني للابداع
 

            


نافذة التعضيد النقدي العلمي الذرائعي 3 /القاص الكبير :هيثم الجاسم

 نافذة التعضيد النقدي العلمي الذرائعي 3 

الجلسة الثالثة 

القاص الكبير :هيثم الجاسم 

القص القصير والتشابك السردي  


بقلم عبد الرزاق عوده الغالبي 

مقدمة:.1 

لاشك إن الزمن ، يتسيد عجلة الديمومة الحاملة لأسٍرار الكون وزواياه المتناثرة فوق أرضية الأستمرارية ،وهي تحث الخطى و الإستعجال الذي يمييز بني البشر في حركتهم الدؤبة نحو مصائرهم المحتومة دون وعي  أوكلل ، لمعان المادة يغري ،عجلة الزمن تدور ، إستنزاف لسنين العمر الهاربة و المضمخة بالتعب والشقاء ، والأدب مبتهج ،طفل فرح بعدسة التصوير، يلتقط صوراً هنا وهناك باوضاع مهتزة طفولية ولا يحس بألم التأريخ ،وفي كل الأحوال ،تسجل الإرهاصات القسرية التي يدفعها الزمن بكوم من قمامات لممارسات البشرالمخجلة الساعي نحو حتمه  ،بإحداث متنوعة وبأجناس سردية مختلفة في الطول والأسلوب والتقنيات و القصير،فهو أحد تلك البودقات التي تضم معاناة الأنسان في هذا العصرالمنهار والمترع بالقباحة والأنهيار....

يطل هيثم الجاسم شاهراً عموده الشاهدة على تلك المعاناة (ربما يطلع الفجر)  وقد لاحق الظلم والمظلومين باشكال  وأوضاع مختلفة ... ولاحقته أنا بقراءة ,وعذبتني ملاحقته في تلك المجموعة من القضايا المستفزة ،وفحصت بنظارتي المعتمة شيء من إبداعاته اللامحدودة في علم السرد لأعضد منها ما يتيسر:

1.الجانب البصري:

 بصرية كاملة لا نقص او لبس فيها تشهد عملية التوازي النصي بشكل متسلسل لتعطينا نصا موازيا يبدأ بعتبة العنوان ثم لوحة الغلاف الأول ثم الأهداء والمقدمة حتى تختم بملاحظة الغلاف الأخير لمحسن الخفاجي...والعجيب بالأمر إنه لخص مجموعته البالغة من(17) قصة بعنوان واحد (ربما يطلع الفجر) وهذا العنوان إيحاء لمدلول بعيد المنال قد لا يتحقق أو قد يتحقق جزء منه لكونه يدخل في حييزالبعد المجهول  وأحلام عالم اليقظة فهو يفعل شيئاً ،و يعمل إحالة لموضوع آخر، إمتاز(الجاسم) في توظيفه وقد وأبدع فيه وهو: الدلالة الذرائعية:

2.ألدلالة الذرائعية عند هيثم الجاسم:

 الدلالة ،عربياً ،هي العلاقة بين الدال وهو اللفظ والمدلول وهو المعنى، حيث ينظر إليها على اعتبارها الحدث الذي يقترن فيه الدال بالمدلول، فإذا جاز بشيء من التسامح أن نقول : إن الضرب اتصال بالمضروب، جاز قياسًا على ذلك أن تقول: الدلالة هي اتصال الدال بالمدلول أو العلاقة بينهما ... والدلالة ذرائعيا هي الوعاء الذي يحمل المعارف من العالم الخارجي الى العالم الداخلي لإيصال المعنى الذي تبحث عنه الدلالة لتكتسب كينونتها وبنيتها منه وأهم ما يميزها في الإجراء الفعلي إن ظهورها يحتم إختفاء مدلولها ومن تسعى اليه ذرائعياً، بإختلافه تفكيكياً ، فشخوص الدلالة  إشارة لشيء غير مرئي لكنه هدف يسعى اليه محركها الزاخر بالمعنى المؤول والمفهوم الثابت...  

وهيثم الجاسم إمتاز بالتلاعب في سوح الدلالة المهيب ، فصارت دلالته مرتبطة بالبنية الهيكلية للجمل أو  بالثيمات التي يكتب فيه النص(عنوان ...و( ربما يطلع الفجر) دلالة ...وكيف جعل عتبة العنوان دلالة بعبقرية لأنه( حضَر الدلالة وغيب المدلول أو المفهوم) وهذه الحالة سر من أسرار البنية السردية فهي تقلب المفاهيم النقدية بظهور التفكيك الذي أعتمد على مظهر الدلالة طيب الذكر...لا أدري إن كان هيثم قد قرأ التمركز التفكيكي ام لا  (يستدعى لتوضيح ذلك ويقرأ التمركز) ، وقد صاغ عنوان الكتاب وعناوين قصصه بنفس الطريقة تلك وكأنه إنغمس في تراسندلتالية داريدا  ،فلدى الجاسم القدرة على جمع كل النصوص في دلالة واحدة (ربما يطلع افجر) وكل نصوصه جمعها في هذا الأصدار بدلالة واحد تنتظر مدلول واحد وهو (طلوع الفجر) ولم يطلع الفجر لحد الآن كما اراده (الجاسم) وهو معنى مؤجل ،حسب النظرية الذرائعية ، بغياب المدلول ذرائعياً واستدعاء عجلة التأويل تفكيكياً كإختلاف ولو جر عمله الأدبي الى هنا لضاع في الأختلاف التفكيكي بشبح الكتابة(يوضح)...أوقد يجعل النص دلالة واحدة بإختيار عنوان بدقة متناهية (عناوينه17) وهذه التقنية التي يوظفها الجاسم هي توظيف  تشويقي  يضاف له الإسلوب السهل الممتنع .... فالجاسم بتلك التقنية  تمكن من كتابة قصة كاملة بثمانية  نقاط إرتكاز دلالية في (بائع البخور ) وقد تخطى العنوان نحو البنية الثيمية العامة فأرتكز دونها على (8) دلالات(عبارات) في بناء قصة ببناء فني وجمالي، لنفحص الدلالت التالية:

- رصيف يحلم بالبلاط

- طفل ينظر عبر ثقب السياج

- غير عابيء بالمارة

- أعمل حتى أطعم إخزتي

- تغطية نفقات إسرة كاملة

- قصصت حكاية الطفل ففزعوا

- لتحمل فرحة العيد

- سعادة وسرور في اعماقي

ولو تفحصنا الإهداء(الى كل إنسان يعشق الحرية ويكافح من أجلها) لوجدناه دلالة كاملة تسند عنوان الإصدار(ربما يطلع الفجر) وهذالإسناد مرهون بدراسة راقية دقيقة ذرائعيا لمبدأ التوازي والتناص في نفس الموضع  السردي وتلك صفة لا يمتلكها إلا الموهوب ولو سالته ،قد لا يستطيع سبر أغوارها (أسدعاء وتوجيه سؤال للكاتب)....

3.الرمزية الشاملة عند هيثم الجاسم: 

الرّمزية هي شكل من أشكال الكلام الذي يستخدمه الأديب عندما يريد  التّعبير عن حالة شعوريّة أو عاطفيّة معيّنة في عمل أدبي ولا يريد إظهارها بشكل مباشر، هو استخدام للشّيء أو للشّخص أو للموقف, بكلمة تستخدم  لتمثيل شيء آخر، مثل فكرة في العمل لأدبي تشمل بعض أنواع الرّموز الشّائعة:المجاز والإستعارة والرمز التقني: لكن هيثم الجاسم يكتب بطريقة شاملة وذلك بتوظيف السرد ليرمزفيها بإتجاه الظلم وملاحقته من جوانب سياسية وإجتماعية لذلك يفرش ديباجة القصة ويمدد الرمز فوقها وكانه يعد جنازة للدفن وينتظر حفار القبور ليدفن هذا العار المسمى بالظلم وبتصوري الذرائعي إنه يرسم صورة مجسدة في العقل السياسي التي تكون واقعية بالحساب الإنساني للأحداث التي عومل الظالمين فيها من قبل الثوار وما شابه ذلك وكان رمز(الغربان) ولونها الأسود وشذوذ الغراب بغلاضته عن شفافية الطيور هو المنحى لتلك القضية الشعورية (18)

4. المعاناة الأنسانية عند هيثم الجاسم وتقنية العودة للماضي بتسخير سردي:

نحن تعودنا في عصرنة القص على تقنيات باتت ممجوجة من إعادتها في الكم الهائل من القصص والروايات وهي:

- تقنية  flashbackالعودة نحو الماضي سرديا(الخطف خلفاً)

- تقنية stream of consciousness  تيار الوعي الداخلي

- تقنية مناجات النفس soliloquy

- وتشخيص القلم والضمير (ذرائعياً)...

لكن عصرنة السرد كعلم يتوازى مع التقدم التكنولوجي والأنساني ويفرض علينا التجديد ونبذ القديم الذي صار ممجوحا بفعل التكرار المستمر ...فقد نبذ الكتاب الجدد هذا الدأب وجاؤوا بتقنيات حديثة نبذت الميلودراما والرتابة ،وانطلقت من اصل الحدث الحركي أي دخلت في تمسرح الحدث نحو الواقع وهيثم الجاسم إمتلك تلك الخاصية وتلاعب في موقف السارد والمسرود حتى جعل القاريء ينسى  أنه يقرأ ،ويظن وكأنه يتذكر قصة بعقله وليس بنظره عند ضيافته هيثم الجاسم سرديا( وتلك الخاصي المعصرنة تخص (تشخيص في الأسلوب بمسرحة الحدث)... في( حضرة المتعة المحرمة) أخذني نحو الحرمان وفجأة وجدت نفسي أمام حبيبته المنسية والتي تسكن تلك المحرمات دون أن يستخدم تقنية الخطف الخلفي(flashback) لكنه وظف موهبة جديدة في تعليق المتلقي بخيط في الماضي ثم أعد له فخاً في الحاضر....30

5. تقنية الربط الثيمي عند هيثم الجاسم:

نحن متعودون على قراءة النص بثيمة واحدة أو نص بعدة ثيمات متشابهة و لم نتعود أن يحدث العكس فثيمة واحدة تربط عدة قصص ولم يحدث تكرار في الموضوع ،فذلك شيء غريب علينا لكنه بسيط عند هيثم الجاسم بحذاقته السردية استطاع أن يلف القاريء نحو منحى جديد في السرد فقد ربط عدة قصص مختلفة ببناء فني وجمالي بثيمة واحدة(الختم) وتلك تقنية لم ارى مثلها من قبل فقد تمكن هيثم الجاسم من عصرنة السرد القصير بتقنيات جميلة غير مطروقة...42

  6. الديناميكية الذرائعية في السرد لدى هيثم الجاسم

    شيء طبيعي أن ترى صاحب التجربة متقدم في كل شيء، وهيثم الجاسم كاتب صاحب تجربة واسعة في السرد وهذا واضح في تقنياته المتنوعة :

السخريةSarcasm :

تظهر السخرية في مفرداته بإختيار دقيق للكلمة وتوظيف ذكي في الجملة و بشكل بعيد عن السيمانتيكة المعجمية والرحيل بإتجاه نحو مجازية الكلمة للشتغال خلف الواقع دون الدخول باللواقع أوالخيال(هذه حالة غريبة أن يعمل كاتب بين الخيال والواقع واللاواقع ولم يمس أحدهما وتلك هي الذرائعية العربية) بالرغم من إن المفردة هي بنية مورفولوجية متحركة تحتاج عناية يد مجربة لتنقلها من الحالة المعجمية الى الحالة المفرداتية لتكسب المعنى وتصبح كلمة، ليصنع منها الكاتب المجرب شكلا موائم لنيتة التواصلية والذرائعية ، والجاسم يعطيها واجب ملون مصبوغ بسخرية فاتحة يحس المتلقي انها تخفي خلفها نقمة  وتلك المسحة الساخرة تشوب جمله ومفرداته عل طول الخط الساخن في كتاباته وكأن السخرية صديق يصاحب كل الوانه الأخرى التي البسها للمفردة وكأنها شدت براس قلمه المبتسم ابتسامة ساخرة بوجه الظلم...


التهكم Irony : 

ومع خيط السخرية في الأيحاء تجد التهكم ملتصق فيه هما جنس واحد مكمل لبعضه ، وهو سخرية مختلف عنها قليلاً بالإتجاه الأجرائي ،حين  تقال الكلمة ويعني عكسها تماَ ،وهذه العبقرية بتحميل المفردة عدة إتجاهات عبقرية تقظ ظهر التأويل ،لهذا السبب تجد جمل الجاسم خارجة عن خيمة المدلولات نحو خيمة المفاهيم الملونة مثال (الصفر 48) وظفها بعدة مفاهيم(رقم- مدلول لنهاية دلالة قرن- طحين ينتظره الفقراء في الحصارواسس بالصفر( للبالة) بثوب تهكمي ساخرمفردة (الختم ..ص  42 ) وظفه توظيف فني عجيب بزمكانية رائعة انتجت اربع قصص قصيرة بقصة واحدة( الغراب..ص18 ) طير شؤم فاخرجه بتلك الحكة الإيحائية من الطيور رمز نهب وعنوان للموت ونتيجة مأسوية....وهنا أمثلة مئوية زالفية في إصداره ، أنا ،فقط، أجلب االإنتباه وأنتم عليكم الباقي لتدعموه بالنقاش...


الأسلوب وجماليات التقنيات المستخدمة في السرد:

     

يشكل إسلوب الخطف السلس وسهله الممتنع المتمثل بدراسة الجملة وتوجيهها نحو واجباتها الدلالية بشكل متقن فيجعلها:

- مرة تهكم 

- واخرى سخرية 

- واخرى رمزية

- واخرى إخبارية

- وإخرى خيالية

- وأخري واقعية

- واخرى غير واقعية 


فهو لا يعمل بزمكانية الماضي ولا الحاضر وإنما يمد قلمه نحو المستقبل ،فهو طموح الى حد الحلم والزمن الكوني فهو يعمل بالبعد الرابع أكثر من البعد الأقليدي فلا يقتنع بالأبعاد الثلاث الأقليدية وانما يقفز خلفها نحو البعد الرابع بعد الأحلام ، وهذا التنوع الملحوظ في الإسلوب ينقل القاري من  حالة الى إخرى ويثير في التساؤل والتفكير في خبايا النص وما تحويه البنى التحتية للنص....

العتبات: 

نعني بالعتبات اصطلاحياً  بالمداخل السريعة المرئية و التي تنبيء العالم الخارجي عن فحوى النص الأنسانية  بشكل سريع ومستعجل وهي التي تساعد المتلقى على إقتناء الكتاب لإنها عوامل تشويقية تفرض نفسها على المتلقي بلمح من البصر: وهي:

1. العنوان  2. اللوحة أو الصورة المستخدمة في الغلاف الخارجي والأخير  3. الأهداء  4. المقدمة  5. الملاحظات الخلفية في الغلاف الخلفي  6. بنية الكتاب من ناحية الترتيب وحجم الحروف ونوع الحروف وجمالية الفقرات وأدوات التنقيط ونوع الورق ولونه  والصور والوسائل التوضيحية المرفقة في الكتاب وعلاقتها بمتون النص...وإصدارات هيثم الجاسم إنيقة ولا نقص في عناصرها البصرية...لكن موضوع العتبات لا يزال إشكالية غير مستقرة تحتاج بحوث ونقاشات لتعويمها على سطح الواقع الأدبي وهذا متروك للأكاديمين....

الشخصيات:

ثبت علميا حين يفكرالإنسان أويكتب ينطلق من الخيال لكون الخيال، ذرائعياً، اساس للواقع فكل فعل يقوم به الكاتب هو مخطط مسبقاً في الخيال ويتولاه اللاوعي وعند طلبه من الخارج يحا ل الى الوعي بفعل سيكولوجية التذكر ليكون موضوعاً إجرائياً ، وبناءاً على ذلك ينطلق السارد من نفسه في بناء شخصياته ويحاول جاهدا نزع الشخصية حتى لا يجعل المتلقي يظن إن الكاتب يكتب سيرة نفسه لذلك نرى صراعاً سايكولوجيا داميا بين الكاتب وشخصياته وهذا ما يحدث عند الجاسم ،لذلك يحاول جاهداً حل هذا النزاع في النهايات ،مرة يجعلها مفتوحة وبإخرى إيحائية تشير نحو المستقبل أي يجعلها دلالة تبح عن مدلول او مفهوم لم يتحقق لحد الآن.....يظن الجاسم أن مفتاح بؤر عمله الشخصيات لذلك ينتقي شخصياته إنتقاءاً سلبياً مأسويا وهذا الإنتقاء يعمق الفكرة في بنية المجتمع وياخذ الكاتب نحو قضايا الكفاح والعراك الدائم مع لقمة العيش فحين تقرأ الجاسم  تحس إنه مساهم في الكفاح ومنطلق من حيثياته الدرامية وهو واحد من تلك الشخصيات....

الحوارات: 

تعتبرالحوارات في السرد حيثيات تربط الواقع السردي بالواقع الممسرح الحقيقي فالحياة مسرح واسع ويلعب على هامته مخاليق الله بادوار تبادلية وكل موجود من موجودات الدنيا له واجب وذريعة وتلك هي الفلسفة الذرائعية تعتبر موجودات الحياة لاعبين فوق  خشبة الزمن بواجب تبادلي وذرائع لهذا التبادل، فهي تنشأ من التراب وتعود اليه بعد انتهاء واجبها باتمتة مقدسة عجيبة لدفع دينها الذي استهلكته من الطبيعة والتراب لتكون تراباَ حسب القانون المادي(المادة لا تفنى ولا تستحدث ولا تخلق من العدم بل تتغير من حالة الى أخرى ومخالق الله عناصر مادية وحالتها التراب...وهيثم الجاسم يوظف الحوار بشكل ذكي ليقترب فيه نحو حركة الديمومة واتمتتها المقدسة....


الجمال البلاغي وعلم الجمال النصي:

الجمال Aesthetics:

كتابات الجاسم  تزخر بعلم الجمال أكثر من الجمال اللغوي البلاغي الذي إتخذه مسلكاً في إسلوبة(الخطف والسهل الممتنع الإخباري والمزدوج) ،ويمكن اعتبارعلم الجمال( ) علمًا حديثًا حيث ظهر سنة 1750 على يد( بومجارتن) و بدأ هذا العلم بدراسة التذوّق والمسائل المرتبطة به, ثم أضيف إليه مباحث تتعلّق بالإبداع الفني. لقد خلق الله تعالى الكون على نسق محدّد يسير في مسارات دقيقة لا يحيدعنها، وبثّ في فضائه أفلاكًا ونجومًا تدور في مدارات, بدقّة وثبات، وأرسى في أرضه جبالًا شامخات، وفجر فيها أنهارًا ومحيطات، وأخرج منها أشجارًا ونباتات، وبثّ فيها من كلّ الدّواب زوجين، إن هذا الكون الجميل، البديع فوق الأرض من جمال هذا الكون المتناسقهو  مسخّر للإنسان،  ومدى حاجته لموجوداته، فصار يتعاطى معه بفنيّة  تمثلت في كيفية تأقلمه مع هذا الوجود الجديد حتى يحافظ على كيانه، فاتخذّ من الكهوف مساكنًا، وحاول ملاحقة التغيير والانتقال من وضعيّة قديمة قدَم الإنسان إلى أخرى هي الأحسن، ثم أخذ وعي الإنسان بالجمال يتطوّر شيئًا فشيئًا, ولما عرف الجمال على حقيقته كان بداية عهد جديد لنزوعه الفني والأدبي، وتطوّر إحساسه بالجمال، فبدأ يصنع في هذا العهد التماثيل من الطمي والمساكن من الطوب والّلبن، وأخذ في زخرفة جدران كهوفه ومساكنه بشتّى أنواع الحيوانات والطيور المستوحاة من البيئة التي كان يعيشها فكان يرسم ما يشعر به، حتى ظهرت بوادر القصّ الغرافي ( الصُوَري), وكان للدين أثر كبير على الفن   واللغة, فقد كان الإنسان يقوم برسم الحيوانات والطيور التي يراها أليفة، فتلك الممارسات اليومية  تجلب له الحظ والسعادة، كما يرسم بعضها لما يعتقده فيها من شر وبطش للإنسان البدائي ....

7. سايكولوجية النص لدى هيثم الجاسم:

من يقرأ هيثم الجاسم يجد سايكولوجية السلوك الأنساني والتقمص مرتكزا لنصوصه فهو يكتب وكأنه يحلم فيما يكتب لأنه يخترق البنية الزمانية للنصوص ويقع في المستقبل في البعد الرابع فكل أحداثه المنسوخة بصريا تشير نحو دلالات كونية أكثر مما تكون وجودية غير مرئية لكونها أوجدت لتسكن المستقبل ، فما يتحقق قليل من نتائج قصصه بسببية الحلم برفاهية الخلق وموازيات الكفاح...لذلك ترى التساؤلات تسكن بصره وبصيرته(محفز وإستجابة) فهو يعمل ببعده  الرابع وكأنه مسافر في زمكانية الزمن دون أن يدري( يستدعى)....فهو يهتم بمن تبرعوا بعقولهم وعاشوا السليقة في خيام المسكنة الإنسانية من تبرعوا بارواحهم لإعطاء الفقر دفعة نحو الشهرة وكاننا لانعرف و(نحن العرب) أهلا التراجيديات والمأسويات وقلما نضحك باستثنا متخلفينا، لكوننا عشنا  المسكنة تواضعاً ،فصار الفقر فينا غنى والماساة فينا خنوع...وتلك النماذج هزت جدران الخوف وتساقطت الهموم مطراً ثقيلاً على أرض بور، وبتلى فيها الجاسم حتى أدمت قلمه .....فتحدث عن مقتل كاظم الحلو الحباب وسعدية والجرذ ،كحلم المظلومين(مدينة الكواظم)37 أما سعدية في( فانتازياالجرذ) فهي حكاية67...صورها بعبقرية وحروف تنوح وكأنه مقتل إمام...واسكننا جمالية الأدب فيه حتى أحسسنا أنه يكتب بدمه وليس بحبرأو بكيبورد حاسوب..وأحيانا تحس إن راس قلم الجاسم سيف بيد محارب شجاع....

8.استرتيجية هيثم الجاسم في السرد:

يكتب بأسلوب تقريري سهل ممتنع بانزيحات تتراوح بين مكونات 50% وهذا النوع من الأسلوب يملأ الفراغات السردية في عناصر النص الأخرى ويبث الراحة عند المتلقي كي يقرأ حتى النهاية وهو مبدأ يعطي تشويقاً مضاعفاً ، وسيد السردية هو التشويق فالنظام الجملي في تلك الإستراتيجية ممتنع معجمياً لكونه يخلو من اللف والدوران اللغوي والبلاغي الثقيل......

9. التبئير لدى هيثم الجاسم:

  لهيثم الجاسم نوعان من البؤر:

1. البؤرة العامة وهي البؤرة التي تحتوي على ثيمة ثابتة تخص الوطن وملاحقة الظلم ومساندة الإنسان في كل حالاته الأنسانية باغراض كثيرة وهنا يتوازى السرد مع الشعر في تعدد الأغراض

2. البؤرة الخاصة: فهو يكتب في غرض واحد في كل نص ولا يخرج عنه بثيمته الأنسانية وموضوع إنساني

10. الجانب الأخلاقي لدى هيثم الجاسم:

تمتاز كل النصوص و الأعمال الأدبية الرصينة برمتها على الخلفية الأخلاقية لمجتمع منبع النص , وذلك هو واجب الأدب والأديب الحقيقي الرصين، ويشترط أن يلتزم الأديب بقوائم الأخلاق والمثل الإنسانية العليا، ولا يحق له التعرض لمنظومة الأخلاق العامة، والأديان والأعراف والقوانين بشكل هدام، حيث يشترط أن ينضوي الأديب الرصين تحت خيمة الالتزام الأخلاقي الأدبي، ويخضع لمقومات مذهب التعويض الأدبي (Doctrine of Compensation)   ولا يسمح بإشاعة نفاذ المجرم من العقاب , أوإنزلاقه من طائلة القانون، في نهاية عمله الأدبي ،مهما كانت شدة ذكائه، بل يبحث عن ثغرة ليجعل الرجحان دائماً لكفة العدالة، ولا يجوز أن يتعرض نص من النصوص  لكاتب في أقصى الشرق لعرف أو قانون يحكم، ولو مجموعة صغيرة من الناس تسكن في أقصى الغرب من المعمورة، لذلك يجب أن يكون النقد هو الحارس الأمين لتلك التجاوزات الأدبية الهدامة وكان هيثم الجاسم إديباً خلوقاً وحارساً أخلاقياً أمينا في جميع نصوصه....سكتفي بذلك ولو إستمريت ستهرب مني الأوراق فزعا.....


 


عبد الرزاق عوده الغالبي


التعليقات




5000