الى وزير الصحة العراقي..الى منظمة الصحة العالمية
مشاهد طبية في زمن المحاصصة الطائفية
المعروف عن الاطباء العراقيين كفاءتهم العالية وحسن تعاملهم مع المرضى. حتى في زمن التردي، زمن الظلم البعثي، كان للطبيب موقع ومكانة في قلوب الناس.
جرائم صدام ضد بعض وزراء الصحة خاصة الوزير رياض ابراهيم، الذي بالرغم من مشاغله بالوزارة كان يخصص يوم او اثنين للمراجعين بشكل عام، دون أن يكلفهم أي مبلغ مقابل استشارته أو العلاج. فإنتماءه لحزب البعث لم يشوه ضميره، لكن صدام لم يرض أن يكون في حكومته من هو راق وجميل وله شعبية والناس تحبه بلا خوف أو تهديد. فقتله.
بالرغم من ذلك بقي الكثير من الأطباء يحرصون على الوفاء لقسم المهنة، للضمير الذي يتحلى به الطبيب قبل الشهادة. طبيب اخر شرف عالم الطب.. فتح عيادته بأفقر حي شعبي. وحتى يوفر اجرة السكرتيرة كانت زوجته هي من يقوم بهذه المهمة. وحدد ثمن المعاينة ربع دينار، حين كان الدينار له قيمة، وحتى هذا الربع، كان يستغني عنه حسب حالة المريض المادية. بل ويدفع له ثمن الادوية! لأن ذلك الدكتور كان انسانا راقيا وكان بعيدا عن حزب الخراب البعثي.
بعض الأطباء في زمن الحصار وانحدار الوضع الاقتصادي والسياسي، فضل السفر الى بلدان فقيرة ليواصلون مهمتهم الإنسانية. ماعدا بعض الطلبة الذين درسوا الطب في امريكا او بريطانيا او غيرها من بلدان أوروبا، أتيحت لهم فرصة البقاء في تلك البلدان، لممارسة الطب بعيدا عن التهديدات البعثية والحروب العبثية. وهؤلاء يحظون بسمعة وشهرة نظيفة وراقية بين تلك الشعوب، لكفاءاتهم وحسن تعاملهم وانسانيتهم مع المرضى من مختلف الأجناس والطوائف والخلفيات الاجتماعية.
لكن للأسف في عراق اليوم، نجد حالة التردي التي تمر بالبلاد، تشمل اخطر واهم عنصر مؤثر في حياة الناس هناك، ألا وهو الطب. فما عجز عنه صدام الذي اجبر على بقاء كلية الطب بعيدة عن الحزبية والانتماء البعثي الذي فرض على كل الجامعات حينها، نجحت فيه امريكا واتباعها ممن لا ضمير انساني ولا وطني يقف رادعا لهم. فبعد تحول وزير الكهرباء الى تاجر مولدات كهربائية التي أضرت بالبيئة العراقية وأثرت في صحة الانسان العراقي. تحول الكثير من الأطباء الى تجار للمرض وليس لأدوية الشفاء!
تجار الاوجاع!
بعد تخلي المسؤولين في حكومة المحاصصة الطائفية في العراق، وزراء وبرلمانيون عن مسؤوليتهم في ادارة البلاد بما يطورها وينقذ العباد، تكاثرت المستشفيات الاهلية، والتي حتما لا تخضع لرقابة ولا حتى التأكد من كفاءة الاطباء او شهاداتهم التي ليس ببعيد أن تكون مزورة! مع تكاثرها وتكاثر الملايين التي يدفعها المريض مضطرا، تتوقع ان الخدمة في تلك المستشفيات على افضل مايكون، ولا تقارن بما هو عليه في المستشفيات الحكومية والتي لانعرف مصيرها الان!
لكن الواقع يوحي بتحول الجراح الى قصاب منزوع المشاعر الانسانية، هذا ما يجعل شعلة قصب تحترق في الأحشاء، وانت تسمع ما يندى له الجبين من الحال التي وصلت لها أوضاع الكثير من تلك المستشفيات، الأهلية. وتردي وضع الأطباء وتحول بعضهم الى تجار للاوجاع! حال لايمكن السكوت عليه وإلا ستشعر بالاختناق! عسى الذي يسمعني يوصل صرخاتي، لعلها تلين وتصحي ضمائر تكاد تكون صخورا صماء.
مريض تجرى له عملية (عملية جراحية) صغيرة كانت أو كبيرة، المهم انها شق في جسد المريض الذي هو أساسا متعب ويتلوى وجعا لأسابيع وربما لشهور بسبب سوء تشخيص مرة، و ابتزاز بعض الأطباء من الذين يلجأون الى دفع المريض لزيارات متكررة، ليضمنوا جني الآلاف منه حتى لو اضطر المريض الى استلافها.. كما لو هم بعض من (الفيترجية) من الذين يصلحون جزء من سيارتك ويتركون جزءا آخر ليضمنوا مجيئك لهم في القريب العاجل.
تتوقع أن الطبيب يتابع مريضه بحرص وود ويعمل ما يستطيع ليخفف عنه ويعجل في شفاءه ..ففي غالب الأحيان الثقة بين المريض وطبيبه تعجل في الشفاء، لكن للاسف هكذا تجار لايريدون الشفاء العاجل للمريض لأنهم تجار أوجاع وليسوا تجار صحة وشفاء!
وتتوقع أن أي عملية تجرى للمريض، ستتم على أفضل وجه. فالملايين التي يدفعها المريض ليست فائضة عن حاجته، بل كثير ما تضطره الحال لبيع اثاث بيته وبعضهم يضطر لبيع بيته من أجل توفير العلاج، في بلد غني مثل العراق. ولكن يفجعنا ما وصل له الحال اليوم. ومايحصل في حكومة عصابات الطوائف في العراق ووزراء وأطباء الشهادات المزورة! مما يجعل الدم يغلي في عروقك، بل يجعل كلمة الله واكبر.. لا تشفي غليلك.
هل سمعتم أو قرأتم عن مريض يجري عملية..وعلى اثر العملية التي لم تجرى بشكل مضبوط ينزف جرحه. لأن الجراح استكثر ثمن الخيط ولم يخيط الجرح، بالرغم اننا رأينا وعرفنا ان حتى الجرح السطحي الذي ينتج على اثر ضربة، يخاط الجرح بغرزة او اثنين حسب حجم الجرح، فكيف بعملية؟ أي أن الشق عميق ولا يلتئم بغير الخياط! مع ذلك، الجراح المعني بجلالة حقارته يطلب من المريض وهو في تلك الحالة أن يذهب له وليس العكس! يصعد درج وينزل آخر ليتكرم ذلك القصاب برؤية جرح المريض!. ولا يعتذر عن خطأه، ويخيط الجرح! فربما الخيط ينقص من الملايين التي ابتزها من اهل المريض. بل يسمي الدماء النازفة من مريض متعب (اوساخ) ولا باس من خروجها!
مستشفى آخر خاص أي أهلي.. بالرغم من الملايين التي يدفعها المريض يطالب المريض أو أهله بتوفير الدم المطلوب له.. ليس هذا فقط بل حتى بعض الادوية المكْلِفة لابد للمريض أن يوفرها للمستشفى الراقي ذاك. فعجبا، هل تلك الملايين المدفوعة هي ثمن وقوف الجزار ليجرح جسد المريض فقط!
أين الحكومة.. ولمن نشتكي ومن نطالب لعقاب المقصر او المجرم الذي لا يعرف ابسط الشروط للطب؟ ولا أبسط المشاعر الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها الطبيب قبل أي إنسان آخر. وماذا يفعل من مورده المادي يادوب يغطي مصاريف الاكل والايجار!؟
اطباء اخرون ، قبل رؤية المريض ومعرفة شكواه ونوع الحالة، يطالبونه أن يجري فحوصات دم وأخذ أشعة و سونار ووو غيرها من الفحوصات المكلفة أيضا! حتى لو كانت الحالة بسيطة لا تستدعي كل ذلك! والدولة لم توفر للمواطن مختبرات او مراكز لتوفير تلك الفحوصات لمن يحتاجها. فكل مسؤوليتهم وهمهم هو كيف يستنزفون ميزانية الدولة لحساب رواتبهم ومخصصاتهم المخجلة، وزياراتهم لبيت الله الحرام معتقدين ان الله سيغفر لهم ذنوبهم التي يزيدونها تهيئا للرحلة القادمة!
بينما مريض آخر بحاجة إلى إجراء عملية سريعة لإنقاذه من مضاعفات قد تعرضه للخطر. يبقى الطبيب يماطل ويكتفي باعطاء المريض كميات من ادوية ضد الالتهابات، ومرة ابر اقوى ليضمن حلب المريض في كل زيارة، حتى يصل الحال لما لايسكت عليه، حينها فقط يقرر له عملية ويجب إجراؤها في مستشفى يخصه هو أو متقاول مع جراح صديق أو زميل بالتجارة لابتزاز المريض الذي لا حول ولا قوة له.
وإذا سأل المريض أو جادل خاصة اذا كان على معرفة بوضعه، فهذا سيؤلب الطبيب عليه ويعرضه إلى نقد ولوم، إذا لم يكن منزوع الضمير تماما، والا فقد يتسبب باذى المريض اكثر! لأنه تدخل في اختصاص بعيدا عنه!
طبيب زرته في عيادته الخاصة، وبعد انتظار طويل نودي علينا بالاسم، واذا بي اجد هناك ثلاث اشخاص في الغرفة. وانا انتظر تركهم المكان لاحكي للطبيب الحالة، وإذا به يلح علي ان اشرح له امام اولئك الاشخاص الذين يبدو أنهم مرضى ايضا! ولم يتوقف الأمر عند ذاك، بل خلال الحديث دخل أكثر من مريض حاملا معه الأدوية التي اشتراها من الصيدلية ليريها للدكتور! لاوجود لشيء اسمه خصوصية ولا الطبيب في هذه الحالة يسمع بشكل معقول أو يركز على شكوى المريض ويشخص العلة!.
قد نصمت ونصبر على إغلاق آذانهم وتعامي بصائرهم، عن صرخات الناس فيما يخص التقاعد البرلماني والوزاري.. ان يسدون آذانهم عن جرائم وزير الكهرباء وتماديه في جريمة تشويه البيئة وفي تعذيب الناس صيفا..
لكن كيف نصمت على صرخات المرضى وتعذيبهم وابتزازهم بالرغم من لجوئهمِ للعلاج في مستشفيات اهلية!؟
ابتسام يوسف الطاهر
التعليقات
|
المشكلة كل شيء عندما يتحول الى تجارة يفسد..تجار الدين والوطن تسببوا بقتل الالف بارهابهم لكن تجارة الطب تتعلق بصحة المريض في زمن كثرت الامراض وتضاعف عددها وتضاعفت انواعها ولا رادع او قانون وضعي ولا قانون ضمير يحكمهم..فوضى واستهتار..شكرا لالتفاتتك هذه عسى ان تلقى اذان صاغية |
|
الاسم: |
ابتسام يوسف الطاهر |
التاريخ: |
2021-06-28 16:36:37 |
|
شكرا استاذ جواد على ملاحظتك .. امر موجع ان يهمل القطاع الصحي الى هذه الدرجة! والموجع اكثر ان يلجأ معظم العراقيون للعلاج في بلدان الجوار! كما لو ان مقاولات اخرى بين وزارة الصحة وتلك البلدان لابتزاز الشعب العراقي! |
|
الاسم: |
جواد غلوم |
التاريخ: |
2021-06-23 23:39:28 |
|
سيدتي الاديبة ابتسام : من خلال مراجعاتي المتكررة أحسست ان هناك كارتل طبي يديره بعض الأطباء بالتنسيق مع أصحاب المختبرات ومالكي الصيدليات وعيادات الأشعة وكل الجهات التي يحتاجها المريض وهدف هذا الكارتل استنزاف كل ما في جيب المريض من مدّخرات في اليوم الأسود الذي هو فيه |
|