.
.
  
.......... 
هالة النور
للإبداع
.
أ. د. عبد الإله الصائغ
.
.
د.علاء الجوادي 
.
.
.
.
.
.
.
ـــــــــــــــ.

.
.
.
.
.

..
....

.

  

ملف مهرجان
النور السابع

 .....................

.

.

.

 ملف

مهرجان
النور السادس

.

 ملف

مهرجان
النور الخامس

.

تغطية قناة آشور
الفضائية

.

تغطية قناة الفيحاء
في
الناصرية
وسوق الشيوخ
والاهوار

.

تغطية قناة الديار
الفضائية
 

تغطية
الفضائية السومرية

تغطية
قناة الفيحاء في بابل 

ملف مهرجان
النور الرابع للابداع

.

صور من
مهرجان النور الرابع 
 

.

تغطية قناة
الرشيد الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

.

تغطية قناة
آشور الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

 

تغطية قناة
الفيحاء
لمهرجان النور
في بابل

 

ملف مهرجان
النور

الثالث للابداع
2008

 

ملف
مهرجان النور
الثاني للابداع
 

            


القاص والشاعر زيد الشهيد: كنتُ أخلق من ضيق الفناء فضاءً أرحب للتعبير

زيد الشهيد

 حوار 

القاص والشاعر زيد الشهيد: كنتُ أخلق من ضيق الفناء فضاءً أرحب للتعبير 

حاوره -علي لفتة سعيد 

قاص وشاعر عراقي احتضنته المدينة وكانت الصحراء على مبعدة منه تميل به إلى الغرب .. كان ذلك حين اكتشف ضوء الحياة لأول مرة في منتصف عام 1953 فكانت السماوة موطئ قدمه الأولى والأثر الذي أخذه معه ليعجن الحروف الابتدائية في عالم اسكنه الدهشة ففاض بحروفه الخاصة .. زيد الشهيد القاص والشاعر لم يكتف بأثر المدينة والصحراء والطرق الوعرة بل أراد أن يبوِّب ذاكرة الأكاديمية فكانت شهادة البكلوريوس آداب / لغة إنكليزية / جامعة بغداد.. ربما وجد كتاباً وضع في البيت ليقرأه غيره فقرأه هو فكانت الخطوة الأولى إلى عالم مليء بالمخيلة أو كانت الحكايات الجنوبية التي أوجعته وسكنت ذاكرته هي الأثر الأول دون أن يدرك ذلك كما هو شأن الكثيرين من المبدعين .. وربما كان التأمل واحته وسط خراب الحياة وعسرها في سنوات الستينيات والسبعينيات فأخذه القلم على نزف الوجع لكي يصدر طوال تجربته ( مدينة الحجر ) مجموعة قصصية صادرة عن اتحاد أدباء العراق عام  1994 و( حكايات عن الغرف المعلقة ) مجموعة قصصية صادرة عن دار أزمنة-عمان عام2003 و( فضاءات التيه ) مجموعة قصصية صادرة عن ( دار ألواح ) في إسبانيا-عام 2004 و( أمي والسراويل ) مجموعة شعرية صادرة عن دار أزمنة -عمان 2005 و( سبت يا ثلاثاء ) رواية صادرة عن دار أزمنة-عمان 2005 و ( فم الصحراء الناده ) مجموعة قصصية منشورة في موقع ( أفق الالكتروني ) .. وأخيراً ( الرؤى والأمكنة .. نصوص مستلة من ذاكرة المكان ) مجموعة نصوص مفتوحة ، منشورة في موقع القصة العراقية بعنوان تجارب. 

وليس بعيداً عن الحروف ووجعها التقيناه على بساط كربلائي فكانت المدينة والصحراء والقباب قد هبطت من علوها لتمازج في لحظة بوح حوارها الأدبي .

س : ما الذي جاء بك إلى القصة ؟

ـــــ القراءات المستمرة والمطالعة التي ابتدأت منذ الصبا وأنا أقرأ ديوان عنترة في فناء الدار _ المفتوح على سماء تمنحني زرقتها العذبة _ وبصوت عالٍ هو ما جعل القراءةَ في الكبر حالة من الهوس ، ومتابعة ما يدخل إلى المكتبات من كتب ومجلات حديثة شيء ما اقرب إلى الجنون . وكان لرواية " رُدَّ قلبي " ليوسف السباعي ووجودها في البيت أثرها الفاعل في التعرف على السرد الكتابي لا القصص الشفاهية التي نسمعها من الجدات والأمهات . لم يكن للمدارس التعليمية من تأثير ؛ ولا أتذكر معلماً أو مدرِّساً له من التميّز ما جعلنا نتمثل به أو نأخذ بنصائحه التوجيهية . المعرفةُ اكتسبتُها ذاتياً ، ولعلَّ حشود الكتب التي كان يقتنيها أخوتي الذين يكبرونني هو العامل الأكثر أهمية في توجّهي نحو اكتساب المعرفة ؛ والتي قادت في ما بعد إلى الكتابة القصصية غب مراحل عديدة من كتابة الشعر البسيط والخواطر ورسائل الحب التي أكتبها لحبيبات مفترضات . القصة هي محاولة جرّ الواقع إلى تخوم الخيال ، أو هي تحويل ما ينتجه الخيال ليستحيل واقعاً . وفق هذه الجدلية تغدو كتابة القصة ضرباً من الخلق الذي يتوخّاه كل مَن يمتلك خيالاً يبغي توظيفه لإشباع فضول الذائقة ( ذائقة المتلقي لا ذائقة منتج القص ) .. هذه الرؤية هي ما ولَدت لدي قناعة أنْ اكتب أولا .. كتابة بلا هوية تأرجحت بين الشعر والقصة والخاطرة ونقل العبارات التي أجدها مؤثرة ، والاحتفاظ بقصاصات الورق ، والاندهاش بهذا الكاتب أو ذاك .. ثم بعد كل هذا الماراثون من الاهتمام كان للقصة أرجحيتها في التدوين الكتابي .. وطبعاً هناك ما يدفعك إلى الشعور بأنك تستطيع تشكيل هويةً وأقصد حالة النشر التي ترمي لك بطعم الاستمرار في الكتابة ومنحك شعور أنك مقروء وإلا كان ما تكتب يأخذ طريقه الى سلة المهملات . القصة عالم سردي يعتمد الوصف وخلق الشخصيات والترنّم بسيول المفردات التي يحتاجها هذا العالم كيما يتجسَّد بقبول ورضا الذات ، حيث الكتابة القصصية الأولى هي ما جاءت متَّشحة بالبراءة ومستحمّة بالمفردات المنسكبة من الخزين المعرفي . هذا قبل أن أدخل حلبة الكتابة الاحترافية التي تتوالى على الورق وأمام الكاتب عيون القراء الذين يتلصصون على أبجدية حِرَفية ويبحثون عن مهارة المرسل في مضمار الاستقبال . ولا أخفيك أنني أعتبر مجموعتي القصصية الأولى ( مدينة الحجر ) بما احتوت من نصوص قصصية هي مجموعة البراءة الخالية من الحرفة . مجموعة التماهي مع الذات والتحاور معها في حين جاءت مجاميعي القصصية التالية ( فضاءات التيه ) و( حكايات عن الغرف المعلقة ) و( فم الصحراء الناده ) متداخلة ومتمازجة فيها نقاءات البراءة ومهارات الحرفة . لكن الذي يجمع بينها كلها هو الصدق الفني ورغبة الخلق الجميل . 

س : في عوالمك ثمة مرجعية مكانية .. هل المكان هو نقطة الضوء التي يتحرك من خلالها السرد أم هو النقطة التي تريد من القارئ أن يسلط الضوء عليها ؟

ـــــ المكان هو أحدى دعائم السرد الأساسية ، وبدونه ينتفي فعل الزمن في السردية المتوخاة ، إذ المكان منبتٌ للزمان ؛ وعبره تتجسّد أبجدية الزمن التي تؤثث فعلها المؤثر . بغير المكان ينتفي وجود الزمان ، فهو الذي يعبر بتماثله عن فحوى الزمن . فيوم نزور متحفاً لا نزور مكاناً أنما تكمن زيارتنا في تفكيك حقب الزمان المبعثرة على سطوح المكان . في المتحف نقرأ زمناً ، لا نترجم مكاناً . من هنا انطلاقتي في تدويني السردي ، حيث المكان الذي أسلط الضوء عليه ابغي من ورائه سبر غور الزمن الذي جرت على حيثياته اللحظية تفاصيل الفعل الناجز . أما بخصوص القارئ فأقول أن النص بعد خروجه من جعبتي يغدو ملكاً له ، وبالتأكيد سيجري عملية القراءة وفق اكتشافه الدلالات التي يرتئيها هو لا التي أهدفها أنا . عندما أراجع نصوصي القصصية أكتشف أنني أحاور الزمن في فعلي السردي ، وأرى ثقله على كاهل الشخصية التي تتحرك في نسيج القص . لم يفعمني المكان بالجمال بل ألهمني غدر الزمن وقسوته على أبطال نصوصي . هل يدرك ذلك المتلقي الذي يتعامل مع مقروئي ؟ .. اجزم انه كذلك .

س :  لم يكن الواقع الثقافي غير مساحة ضيقة .. كيف استطاع السرد من فرط هذا الضيق أن يكون واسعاً في قصصك ؟

ـــــ الكاتب إنسان خلاّق ، وله تميزه عن الآخرين المحمَّلين بالبساطة من الناس . أنّه لا يأبه بضيق المساحة ؛ وقسوة الأقدار تخلق لديه حالة من التحدي المقصود . وهو مَن تنطبق عليه مقولة " اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة " لديه . لا احد يخاف على المبدع أن يتقهقر وينكفئ ، وليس من اليقين إلغاء قدرته وطاقته حين تضيق عليه المساحة . وإذا كنّا رأينا مبدعين آثروا الانزواء خلف أستار النسيان من أجل الاستمرار في الحياة بحثاً عن لقمة العيش الصعبة أو تجنباً لملاحقة أزلام النظام المباد لهم فانَ دواخلهم كانت ترهص ؛ والإبداع تتوهج شعلته النيرة في دواخلهم وأطلعتنا أعمالُهم التي قرأناها وأنت أحد هؤلاء الذين لهم خطاب روائي مهم أنهم لم يكونوا محنَّطين في حلقة الستاتيك ، ولم يتكدَّس الشمع فيكتِّلهم . وفي مضمار السرد الذي انتميت لعالمه أنا  فجرت قدرتي الكتابية وخزيني المعرفي ؛ ولا تنس يا صديقي أن واقعنا الذي كنّا نخطو على أديمه يمنحنا بلا جهد الصور الحياتية اليومية بكل قسوتها ومأساويتها وصورها السوريالية . فكتبت العديد من نصوص الحصار في وقت كان النظام يجهد على أن لا تأخذ موضوعة الحصار ووطأته  حيزاً لها في المد الثقافي الأدبي ، وكانت الصحف تتطيّر من نصوص تتولّى عرض معاناة شعب يتدهور صحياً ونفسياً واجتماعياً . إن جملة " ارنست همنغواي " ( قد يتحطم الإنسان لكنّه لا يهزم ) دائماً تدق أجراسها في مسمعي فكانت وستكون حكمة أزلية أتَّكئ عليها واعبُّ من منهلها فهي تمنحك الشعور بأنك مهما خسرت فإنَّ الإرادة تستبدل التهالكات الخوالي بالنجاحات التوالي . وعندها تجد نفسك أنك لم تخسر الكرامة بل كسبت احترام الذات .

هكذا كنتُ أخلقُ من ضيق الفناء فضاءً أرحب للتعبير ؛ وهكذا كانت الكتابات تأخذ حيزها في الصحافة الخارجية ؛ صحافة العيش في الغربة والاغتراب . ووجدت أن ما أكتب كان محط قبول القراء ؛ مع أني كنت أحسب أنني أعبر بالكتابة عن تنفسي للقاء درءاً لمحاولات القدر طمس أعوامي في وحل العيش الرتيب الخالي من الكتابة والإبداع . ولقد كتبتُ رواية ( سبت يا ثلاثاء ) الصادرة عن دار أزمنة هذا العام من وحي التحدّي للزمن والقدر والمضايقات الكبيرة التي لم تنته حتى بعد ترك الوطن . ومعها رواية ( فراسخ لآهات تنتظر ) التي نشرت معظم فصولها في موقع ( كيكا) الالكتروني تحت عنوان ( الأب كما رأيته .. البيت كما أراه ) .

س : صدرت لك مجموعة شعرية في الخارج .. هل هي نزعة لتجريب اللغة في الشعر أم الهروب من السرد أم أنَّ في داخلك شاعراً كشف عن نفسه في المجموعة ؟

ـــــ نشأتُ وأنا متعدد القراءات والمطالعات . كبرتُ وأنا أسير في خمائل الثقافة .. أرى إلى ورد الشعر فأدهش به ، وأقف عند تفتحاته ونصاعاته وأشذائه فاغترف صوراً ، واشم أرائج ، وأقتني انبهارات . وحين أقف عند روض سردي ارتمي عند يناعته وأترك لذائقتي حرية الترجّل والتطلّع بامتلاء ، أفتح لها كل مغاليق الرغبة في النهل وجمع المراد . وأيضاً نده بي عالم النقد فتوجهتُ إليه بملء انشراحي فتداخلتُ مع مفرداته وتحادثت مع مريديه ، ووقفت أساجل فرسانه . ومع ذلك أيضاً استهوتني الترجمة فترجمت عن الإنكليزية نصوصاً قصصية وأعمالاً مسرحية ... أعترف أنني أحتفظ بخزين معرفي راكمته الأعوام وأهال عليه جنون القراءات والمطالعات الكثيرة رذاذ التدوين الذي جعل من عملية الكتابة ممارسة وجدانية صراعية تنافسية لا تنتهي إلا بموت القلم الذي هو موتي . وفي الوقت الذي أعتبر نفسي قصاصاً صرخ بوجهي الكثير ممّن قرأوا مجموعتي الشعرية ( أمي والسراويل ) قائلين : " أنتَ شاعر أكثر منك قصاصاً !" في حين همس شاعرٌ أهديته مجموعتي القصصية " حكايات عن الغرف المعلقة " قبل أن أهديه المجموعة الشعرية :" عندما قرأتُ مجموعتك القصصية قلت أنكَ شاعر ، وعندما أهديتني مجموعتك الشعرية هتفت : يا إلهي هذا قاص أكثر منه شاعراً " بينما خاطبني الدكتور محمد فليح الجبوري رئيس قسم اللغة العربية في كلية تربية جامعة المثنى : وجدتُك في الشعر ونسيتُك في القصة ! " وأخيراً تطرَّفَ أحدهم ناصحاً أن اكتب الشعر فأنسى القصّة إلى الأبد ؛ فقط الدكتورة فوزية الجابري أستاذة الأدب العربي في كلية تربية المثنى وهي قاصة أيضاً أفصحت عن إعجابها بالقص لدي والشعر على السواء ... ولا أدري حين سيقرأ الجميع الذين سأرفدهم بروايتي ( سبت يا ثلاثاء ) التي صدرت قبل أيام بأيِّ رأيٍّ سيخرجون ، وبأية اطلاقات نقدية أو نصائحية سيرشقونني بها ؟!


زيد الشهيد


التعليقات




5000