ثورة العِبْرَةُو العَبْرَةُ
بقلم/ نرجس مرتضى الموسوي
قد يرغب الطفل بلعبة أو قطعة حلوى ؛ فيهرع ليطلبها من والدته او والده . و إن تم رفض طلبه ، ترقرقت عيناه بالدموع ، و إذا لم يلبوا طلبه ، يتعالى منه الصراخ ليفجر ثورته سلاحه فيها البكاء و العويل.
كلنا نعلم بأن البكاء حالة فسيولوجية طبيعية ، و هو أحد مظاهر الإنفعال العاطفي و النفسي التي يمر بها الإنسان ، يرافقه ذرف الدموع . والغريب أن دموع الفرح تكون باردة ، و دموع الحزن تكون حارة ، حسب ما يقوله علماء النفس.
إنها الفطرة التي فطرنا الله عليها لكي نطالب بحقوقنا . وعند عدم الرضوخ لمطالبنا الشرعية ، يجب ان لا نكون ضعفاء ؛ بل نكون مستضعفين ، و شتان بين المعنيين . و حسب ما ورد في التفاسير لقوله تعالى :
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } ؛فإن كلمة «المستضعف» مشتقّة من مادة «ضعف» ؛ و لكنّها لما استعملت في باب «الإستفعال» دلت على من يكبّل بالقيد و الغل،ّ و يجرّ إلى الضعف.
و بتعبير آخر : ليس المستضعف هو الضعيف و الفاقد للقدرة و القوّة ؛ بل المستضعف هو من لديه قوى بالفعل و بالقوة ؛ و لكنّه واقع تحت ضغوط الظلمة و الجبابرة ، وبرغم أنّه مكبل بالأغلال في يديه و رجليه ؛ فإنّه غير ساكت و لا يستسلم ، و يسعى ، دائماً ، لتحطيم الأغلال و نيل الحرية ، و التصدي للجبابرة و المستكبرين ، و نصرة مبدأ العدل و الحق.
فالله سبحانه وعد أمثال هؤلاء بالمن ، ّ و إنهم هم من سيرثون الارض.
و الضعيف هو الذي يركن الى الضعف ، و الذلة ، و المهانة و يحقر نفسه .
و لا شك أن الدموع عندما تمتزج بدماء الشهداء و دموع اليتامى و عويل الثكالى و الأرامل تقودها سيدة جليلة هي عقيلة بني هاشم زينب ، سلام الله عليها ، تكون ذا اثر عظيم و وقع عميق في النفوس.
قال الشاعر وهو يعبر عن لسان حال الامام "عليه السلام" :
" إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي ، يا سيوف خذيني " فلم يستقيم الدين الا بشهادة الحسين "عليه السلام" فكان فرقان الحق والباطل.
فلنذرف من مآقينا العَبْرَة ، ولنستسقي العِبْرَة ؛ فلا زال الدهر يتقاذفنا من طاغوت لآخر و دوي صرخته ، عليه السلام : " هل من ناصر ينصرنا ... " يعلو في كل زمان و مكان ؛ فلنكن له خير ناصر .
لقد كان مع الإمام الحسين ، عليه السلام ، الطفل ، و الشاب ، و المرأة ، و الشيخ ، و كان لكل منهم طريقة في نصرة الإمام .
فلنبحث ، نحن اليوم ، عن مسؤوليتنا الرسالية ، و ما نستطيع أن نقدمه لنصرة الدين.
إن الحسين ، عليه السلام ، كان واقعا مثاليا للقائد الذي أبرز حقيقة الإسلام . اما ما كان يدعيه ممن تجرؤوا على قتال إبن بنت رسول الله ، صلوات الله و سلامه عليهم ؛ فكان قشورا مزيفة للإسلام.
علينا ، اذن ، أن نبحث عن ماهية الإسلام في زمننا الذي كثرت فيه الفتن ، و علينا أن لا ننجرف خلف كل ناعق .
لقد صنف الامام علي ، عليه السلام ، النَّاسُ إلى ثَلَاثَةٌ أصناف : عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ"
مركز الثقافة الاسرية
التعليقات