الحي مجموعة قصص قصيرة لنجيب محفوظ
الحي مجموعة قصص قصيرة
نجيب محفوظ
الحائز على جائزة نوبل
ترجمها الى الانجليزية : روجر الين
دار الساقي - لندن - 2019
العرض باللغة الانجليزية : كريم زيدان
ترجمه الى العربية : خضير اللامي
حين كشف الناقد والصحافي المصري المشهور، محمد شعير الغطاء عن مجموعة قصصية لم تطبع سابقا للروائي والقاص نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل للاداب ، أعدّها " إكتشاف كنز أدبي نفيس"بينما أظهرالتاريخ أنّ تلك المخطوطة أُكتشفت بعد رحيل الروائي والقاص وينبغي التعامل معها وعلى وفق مبدأ الشك ، وتُظهر مجموعة القصص هذه قضية استثنائية .
وأزال شعيرالغطاء عن النصوص خلال زيارته الى منزل عائلة نجيب محفوظ . والتقى كريمة المرحوم أم كلثوم . وبعد أنْ قدّمت له ملفا صغيرا كان محفوظا في صندوق مصنوعا من الكارتون كان يحتوي على ملف مسودة رواية وملاحظات سياسية ، وعقود ، ومجموعة قصصية ، تتضمن أ7ربعين قصة قصيرة مع ملاحظة تؤكد ما يلي : " إنّ هذه القصص طبُعت في العام 1993 - 1994 . " وبعد قراءة متمحصة لمحتوياتها ، أدرك شعيرأنّ ثمانية عشرة منها لم تأخذ طريقها للنشرقبل وبعد موافقة كريمة نجيب محفوظ .
رغم أنه ليس من الواضح ؛ ماهو المبررالذي لم تأخذ هذه القصص به طريقها للنشر والقصص الأخرى البالغة إثتنين وعشرين قصة قصيرة ، ولكن ، من المحتمل أنّ محفوظ كان قد نسيها خلال الفترة المضطربة في حياته . في 1994 ، وهي السنة التي بلغ فيها محفوظ الثانية والثمانين من العمر، والتي قد طعنه أحد المتطرفين في رقبته حين كان خارج منزله في القاهرة ، وحين نجا من هذا الهجوم ، الذي تسبب تلفا في العصب ، عاش فترة قلقة متأثرا بالضررالذي لحق بذراعه الأيمن .
والآن ، وبعد خمسة وعشرين عاما، عقب محاولة الإغتيال ؛ فإنّ مجموعة القصص القصيرة هذه التي بلغت ثمانية عشرقصة قصيرة ، قد رأت النورحاملة عنوان " الحي . " The Quarter ."
وأولئك الذين يتوقعون الواقعية العميقة في ثلاثية القاهرة CairoTrilogy، اوهذا السرد العالمي الثر، في زقاق المدق ، سيكون دون شك ، مثيرا للدهشة ومجسدا حقا ، في هذه المجموعة الساحرة . و" الحي " هذا ، هو عبارة عن مجموعة قصصية مترابطة ، وأنها مخيال مستوحى في السرد الصوفي . فضلا عن ذلك ، إنها مثال رائع لمخيال تجريبي experimentalism ، الذي ميز جزءا من الشفق في جزء من سيرة نجيب محفوظ . وبدلا من التركيزعلى تفاصيل سياق الشفق أو الانغمار في التركيز في السياق التأريخي ، او الوصف التفصيلي ، فمحفوظ يغمر قراءه في عالم بسيط براق وبحكايات رمزية ؛ أو بالأحرى غرائبية . وبأستثناء ذلك ، احداثها . وترجمتها التي قام بها العالم المشهور روجر ألين Roger Allen ، فإنّ الكتاب يبدأ ب : بقصة " الفرن " The Oven، وبقراءة سريعة تغّلف تماما جوهر مجموعة قصص قصيرة والسعي – قصة " حب " و"قصة فضيحة "، و"شرف عائلة ". تجري احداثها في مدق صغير مليء بحركة الحياة . والقصة القصيرة الثالثة ،" مطاردة " Pursuit " تتبع أمّا مهجورة ؛ بينما هي تواجه أب أولادها في ذات المدق . ويستمرهذا التدخل . والحل في القصة ربما يدهش المتلقي ابتداء من القراءة الأولى .
من جانب آخر، فإنّ قصة " العاصفة " : هي نص غارق في الفانتاسيا . والاتجاهات المشؤومة ، تفتح نوافذ فيها – "ويحدث كل شيء حين تكون الشمس في كبد السماء ."– وقبل وصف العاصفة ، فإنّ التي تحل في المدق ونزلائه ، لا شيء فيها يشبه عصف رؤية المدق في الزمن الماضي . وفي هذا الوقت بالذات تنتهي العواصف . وكثير من القاطنين في هذا المدق قد سُرقت محتوياتهم . ويخّيم اليأس على المدق ، وتتكرر الشخصيات اثناء انتظارها ؛ بينما هم بانتظاريوم آخرجديد.
ومن خلال ثمانية عشر فصلا ضمتها مجموعة الحي القصصية ". التي قامت بطبعها دار الساقي للنشر. ضمت أيضا النسخ العربية الأصلية ، متزامنة مع حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للاداب . وقد القى محفوظ في هذه المناسبة خطابا، كل ما يخيف في الشك اعتبارا من 1988، وبينما كان المرحوم قد وضع في الكتاب كل ما يخفف من الشكوك في اصالة العمل ، فتم تضمينه هذا تذكيرا بشخصية محفوظ - وابن الحضارتين ، حضارة الملك فاروق ، والحضارة الاسلامية. ومن خلال هذا التواضع المتعاطف فسيكون بوصف القراء، ان يدركوا أن هذا المبدع يُعد الآن عرّاب الرواية العربية المعاصرة .
وحيث أنّ مجموعة الحي القصصية ، لا تحتوي على شخصيات سفسطائية ؛ أومشاهد تفصيلية مسهبة ، أوواقعية صرف ، فذلك أنّ مميزات محفوظ الواقعية في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين ، لا تمثّل بالتأكيد لمحات ضوئية افضل لمواهب ابداعية وعبقرية مبدع حائز على جائزة نوبل. ورغم إن نطاق افكار متمثلة في المجموعة ، تبقى هذه القصص على الرغم من ذلك؛ نسيج شبكة متداخلة ، ومحافظة على عبقرية مؤلفها . ورغم نطاق الأفكارالمتمثلة في المجموعة ؛ فتبقى هذه المجموعة متداخلة لنسج شبكة ثيمية من الاراء والافكار تلك التي تبدأ بالتشابه لتمثل أزقّة ضيّقة من خلال أزقّة الحي ذاته . وفي هذا العالم حيث إنّ كثيرا من الشخصيات لا تحمل إسما لها ، وحيث المنطق يعزف على آلة كمان عبث بها زمن آخر . انه الحي ذاته الذي يظهر ليحتل المركز الرئيسي بوصفه القصة الرئيسة protagonst.
وهنا ، فإنّ مجموعة قصص الحي القصيرة هذه Querter ، تستحق التحية لتجريبيتها، ذلك أن محفوظ إختط طريق هذا الإتجاه التجريبي في الأدب العربي لتبليطه
لأولئك الذين يريدون أن يفهموا كيف أن العرب يحتفون في الغالب بالروائي الذي نال درجة " الأستاذ " ، الذي دائما ما يكون أستاذا فعلا.وفي الوقت ذاته ، ينبغي أن يكون حذرا . وعلى كل حال ، فهذا الكتاب ، المجموعة القصصية ؛ ليس لإولئك الذين يلتزمون بإصطلاحات النوع أوأولئك الذين يعتقدون أنّ درجة تقاليد أدب اللغة الانجليزية أولا ، تنبي ولا تنكسر. هذا كتاب يصرعلى أن أساليبنا في الكتابة لا نهاية لها حتى في نهايات القصص المحدودة . وفي احدى النهايات تنذرنا أننا لكي ننذركي ونقيّم تماما نجيب محفوظ ؛ علينا بالذات أن نحررها من أصفاد الكتابات الغربية التقليدية .
- كريم زيدان : صحفي مصري – كندي وكاتب ابداعي ومترجم في الغرديان وفوكس ميديا ومن بينها .
خضير اللامي
التعليقات