.
.
  
.......... 
هالة النور
للإبداع
.
أ. د. عبد الإله الصائغ
.
.
د.علاء الجوادي 
.
.
.
.
.
.
.
ـــــــــــــــ.

.
.
.
.
.

..
....

.

  

ملف مهرجان
النور السابع

 .....................

.

.

.

 ملف

مهرجان
النور السادس

.

 ملف

مهرجان
النور الخامس

.

تغطية قناة آشور
الفضائية

.

تغطية قناة الفيحاء
في
الناصرية
وسوق الشيوخ
والاهوار

.

تغطية قناة الديار
الفضائية
 

تغطية
الفضائية السومرية

تغطية
قناة الفيحاء في بابل 

ملف مهرجان
النور الرابع للابداع

.

صور من
مهرجان النور الرابع 
 

.

تغطية قناة
الرشيد الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

.

تغطية قناة
آشور الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

 

تغطية قناة
الفيحاء
لمهرجان النور
في بابل

 

ملف مهرجان
النور

الثالث للابداع
2008

 

ملف
مهرجان النور
الثاني للابداع
 

            


النزعة الإنسانية (2) و أثرها في الصور الشعرية عند الشاعرة العراقية رفيف الفارس - قراءة في ديوان (من يطرق باب الضوء)

عبد الرزاق كيلو

النزعة الإنسانية (2)

و أثرها في الصور الشعرية عند الشاعرة العراقية رفيف الفارس

قراءة في ديوان (من يطرق باب الضوء)

رفيف الفارس

 

(2)

2_ النزعة الإنسانية في سياق الفضيلة:

يقال أن الفضيلة وسط بين طرفين...وسط بين الخير والشر ، بين الجمال و القبح ، بين الفرح والحزن ، بين الشقاء والسعادة.....فالطرفان اللذان تعتدل بينهما الفضيلة متضادان ،

فتخرج بهما الفضيلة على المستوى الفكري من حد التضاد والتناقض إلى حد المعقول ما بالإمكان وجوده..ونلاحظ بادىء ذي بدء عقلا ومنطقا، أن هذين الطرفين المتاضدين في كليهما إسراف وجور وانحراف للنفس البشرية و للوجود الإنساني الباحثين عن قبس القيم الخالدة بعد أن اضاعت البشرية جذوة المبادىء الراقية لتحقيق الوجود الإنساني الحضاري وسط ظلام دامس لا يدرك فيه الخيط الأبيض من الأسود..! ولم تعد فيه سعف النخيل تناجي النجوم الساهرة، أو تمنح للليل بوحها، ولا تزف إلى النهار القها ونضرتها مكسوة بضياء الشمس.

شعاع الفضيلة العامر بالخير والعطاء لا يجد متنفسا له في الهرج والمرج إلا من رئتي الشعر...وادراكا من الشاعرة " رفيف الفارس " للرزية الجاسمة على قلب حياتنا في هذا العالم الجانح عن الحق ..تحاول طرق باب نور الفضيلة والخير وهي تشعل فتيل الأمل في نفوسنا لتوخي حياة أفضل مما هو مامول في ذاكرتنا المحمومة ياسا وخيالنا الاستباقي لمستقبل في الدرك الأسفل من الشقاء على جناحي ضوء شعرها الملتزم إنسانيا بقضايا الإنسان المعذب في الأرض وهي تصور شقاءنا والامنا بأسلوب محكم التصوير والعبارات وبسياق دلالي لا يحتاج لقول قائل...أو لبيان شارح...فمخرجاتها البيانية في ذهن المتلقي تمثل(عصفا ذهنيا ) مثول عرش بلقيس بين يدي سليمان من غير تراسل مرهق لاحاسيس المتلقي بين السمع والبصر، وبين التفكر والخيال...فهناك تراسل ضمني بآلية شعورية عفوية بين الصورة الحقيقية المنطبعة شعرا وبين الصورة الرمزية المجردة في أحاسيس المتلقي.

إن نقطة الانطلاق الدلالي في سياق الفضيلة عند الشاعرة " رفيف الفارس " هي قصيدة "مطر " .. اترك لها الآن رثن البيان لتصهل لنا في بيانها ما نريد قوله والوقوف عنده..فربما لسان الكشف عن هوية الصورة الشعرية هنا أبلغ في أذهاننا من تجديف كلماتنا في يمها العميق بحثا عن مرام الصور والعبارات ..وهنا تبرز روعة الشاعرة وبلاغتها...

مطر...!

متى تحن السماء

لتذرف المطر

يا رب الخير والعطاء

احمنا من جور الزمان

اطرح في أرضنا النماء

تعبت معاولنا من حفر الجفاف

جفاف وجفاف

دموعنا التي تروي اكفنا

جفت

ملأت وجوهنا الاخاديد

غرست في قلوبنا الحفر

جفاف

متى يأتي المطر..؟

 

لن اعيد تفكيك جزيئات البنى العلائقية بلاغيا في هذه الصور الشعرية ، أو الإشارة إلى قيمتها الفنية..فهي حققت الغاية والمعنى بانسانية شفافه تحفر مجراها في نفس المتلقي بعفوية مشعة بالجمال تدفع بالمتلقي إلى ترديد صدى تأثيرها بعد أن ملكت عليه مجامع قلبه...لأنها تلامس جزيئات حياتنا الرازخة تحت غطرسة قوى البغي والظلام والمحفورة على اسفلت الطرقات المؤدية إلى كهوف المستقبل القريب المجهول.

إن الرسام العالمي الفلسطيني المقاوم (ناجي العلي) عندما رسم شخصية الإنسان العربي بشقائها وألامها وحيرتها وضياعها متلمحا بها بشخصية( حنظلة) ..هنا الشاعرة تعيد رسمها بالأبيض والأسود بالكلمات...كما أن تأثرها بقصيدة السياب(انشودة المطر ) التي عبر فيها عن أزمة ذواتنا تتضارب فيها لواعج الأسى والشقاء..وعن أزمة وطن تحيق به المصالح والاطماع مقيدا تهمين عليه سطوة الظلام و البغاة مصورا فيها معاناة الشعب العراقي هذه القصيدة التي أخذت مكانتها في الشعر العربي الحديث وصارت نصا شعريا خالدا نموذجيا فريدا بلهجته وحماسه ونبرته الشعرية ..عادت الشاعرة لتكرر _ وهي تقف جنبا الى جنب من السياب شعرا و التزاما _ لازمة المطر وهي تردد في مطلع القصيدة... مطر... كصلاة استسقاء أو دعاء..إن هذه اللحمة الصوتية التي تجمعها مع صوت السياب لعبت دورا فنيا ورمزيا في بناء القصيدة ..وهناك تلازم في المبادىء الإنسانية الرافضة للظلم بشتى صنوفه بين قصيدة(مطر) وبين(انشودة المطر) نلاحظه من السياق الدلالي للقصيدتين وصورها المشرعة لتحدي الظلم و القهر..تأمل في صورة الاخاديد المحفورة على الوجوه..وصورة الاكف التي جفت من رحاها الدموع ... تحاكي صور السياب في انشودته في مقطع الغربان و الجراد...( والف أفعى تشرب الرحيق) أو في مقطع المهاجرين وصراعهم على العودة( والرحى آلتي تدور في الحقول حولها بشر) فكليهما يبحثان عن فضيلة تعدل وتطهر حياتنا وتغسلها من الضلال والذنوب ..المطر...وخزن البروق و الرعود.

إن براعة الاستهلال التي حدت بالسياب بدء انشودته بالتغني بالوجه الحضاري للعراق والإعلان عن حضاراته المتعاقبة ليست مجردحضارة ذاكرة وإنما حضارة باصرة خالدة في التاريخ برمز خيالي تشبيهي كما يناجي حبيبته متغنيا بجمالها وأشد ما في جمالها اشعاعا عيناها اللتان تبرقان

بريق عيني غادة حسناء شهلاء مجنحة الحاجبين معرشة الرمشين ثملتين يلثمهما ضوء القمر الساهر ...هنا براعة التشبيه وبلاغته في قيمته الفنية من خلال إحالة الذاتي والخاص إلى ما هو موضوعي وعام يتسق مع السياق الكلي للقصيدة(عيناك غابتانخيل ساعة السحر) عيناك خاص بذاتية الشاعر...غابتا نخيل... عام يقصد العراق والوطن بمجمله وما فيه من صراع وغربة وحياة وموت وظلم و عدل وخصب وجدب .

فما بدأه السياب في انشودته مقدمة بصيغةالمؤنث عيناك...تنهي بما يماثله تماما الشاعرة في المقطع الأخير من قصيدتها مطر بصيغة المذكر... يداك ...! تقول في المقطع الأخير من قصيدة مطر ؛

يداك تحتضن المطر في وجهي

تلثم القطرات

قبل آلاف السنين

لا يزال الدفء يلثم المطر

ولا تزال مظلتك

تنام في زاوية الغرفة

تناديك والمطر

وأنا في الإنتظار

لم اعد أملك إلا روحا

وبقايا اشتياق

وأمنيات الرجوع

للمسة السماء

لذرفة السماء

لينابيع المطر.

 

فنلاحظ أن الشاعرة تعود بالذاكرة المختزنة في التاريخ إلى مواجع وطنها الذي لم يهدأ فيه الوجع والآلام والويلات منذ آلاف السنين بأسلوب الخطف خلفا لتثير دهشة المتلقي التفاتا إلى قوة شكيمة وطنها و رحابة صدره الذي لم يكل ولم يمل من انسياب خزائن الآهات في بنك حزنه ومواجعه.... تتكاثف في سمائه الغيوم المتلبدة السوداء وهي محملة بالأمطار والسيول الجارفة التي لا تبقي ولا تذر جحافلها من مرافىء السعادة والسكينة شيئا....ومع ذلك لا يزال فيه ركن أمين للدفء.

فالعراق الحبيب... بما مر عليه من حضارات متعاقبة على مر الدهور و الأزمان أهدت العالم ضياء العلم والمعرفة...إنه رغم هذا التاريخ الحضاري...كانت سماؤه _ولاتزال _ مهوى للغيوم الزاحفة ناهبة شمسه وضياءه جارفة سيولها الأخضر واليابس مخلفة وراءها اوحالها التي تتصاعد منها رائحة الدم والنار... ويبقى العراق يمسح_ كالام الرؤوم __قطرات الحزن عن وجنتي ابنائه و يحتضن في زوايا قلبه وحنانه اهاتهم ويعدهم بمطر ابيض كالنور قادم على أجنحة الملائكة يطهر جراحاتهم وعذابهم.

نقلتنا الشاعرة باحساسها العميق بالخير والفضيله إلى معراج السمو تتناهض فيه أرواحنا نحو الأعلى نستشف حب الوطن وخيره العارم بالمحبة والسلام... والا ننظر نحو الأسفل..حذرا من أن تغرق عقولنا في اوحال الخبثاء الذين يبنون بكل ريع أية يعبثون...!

أدت الشاعرة هذه المعاني و الأفكار مستخدمة صورا سهلة وبسيطة مشحونة بالعاطفة العميقة الشفافة بأسلوب بلاغي وبياني يحرك ويثير في المتلقي مشاعر الأسى واهتزازات الغضب و ارتعاشات الحلم والحزن... فالشاعرة لم تعبر عن ذاتها هنا وإنما عن ذات الوطن.

ورغم أن الحركة التراسلية بين المخيلة و الحواس بدت بطيئة هنا...لكن ما يعزز جوانب التأثر عند المتلقي هذه العاطفة الوطنية التي ترسل اثيرها النابع بالحنان ينفذ كالضوء إلى قلب المتلقي وشرايينه التي تضخ ولاء صافيا للوطن ...وظاهرة التكرار لكلمة...السماء...لعبت دورا فنيا و بيانيا في اللحمة المعنوية واللفظية والموسيقية في بنية القصيدة..كما أعطت الصور الشعرية زخما روحيا مستثيرا لفطرة الإيمان في حنايا القلوب.

بيد أن هذه الحركة تتسارع متصعدة نحو أفق الطهر والسمو في ازدحام المشاهد والصور الشعرية المسبوكة بنار الوجع والشوق إلى سلام دائم ينعم فيه المرء في وطنه...وكأني بذهن المتلقي مشغوفا بها، سارحا خياله في مضامينها وهي تنتقل في حركة فنية درامية متسارعة من السمع إلى البصر فالخيال تتوالى فيها المشاهد مظللة بمشاعر صادقة وامينة على الوطن...ولقد قال الشاعر الكبير مظفر النواب يوما :

هذا انا وقلبي من وراء القميص يلوح...! ومن هذا الاتجاه ومن زاوية هذا المرتقى الشعور ي و الوجداني تنهض الشاعرة بحزنها من وراء قلبها متاملة بانحسار الغيوم السوداء وسيادة القيم و الفضائل المثلى وانتهاء حقبة الوجع والألم والحزن التي عمت سائر أرجاء الوطن بدعوة كاذبة ومنافقة إلى ربيع ينعم فيه المرء بالعدل والحرية والكرامة ...! وإذا هو يقع في أتون حرب هوجاء سلبت منه قيم الخير و الفضيلة اولا فضلا عن أدنى حقوقه في الحياة ففقد ثقته بالعالم و وعوده .

بلغ السياق الدلالي للفضيلة أوجه وهي تشيد هذه المعاني و الأفكار باداء بلاغي متكاثف الاستعارة للصور الشعرية

في قصيدة "مستثنى بالوجع " حتى عنوان القصيدة فيه من الرمزية التجريدية وهي تضعه ضمن قالب فني بات سمة بارزة للوطن العربي وخصوصا الأقطار التي عمتها بلواء الفصول فما عادت أغلب الشعوب العربية تشعر بالفارق:

الزمني بين الفصول..ولا بالفارق الشعور ي بين الحزن والفرح

 

كالدوي تسمعني

صوتي محمل بالرعود

بمواسم خوف وعبودية

مجنزر بالمديات الصاخبة

على سهول لوعة

تسمعني وفي أذنك حرقة من طين المتاهة

والمرافىء الخدرة بالزيف

يتناسل البلور في دمي

ادمعا من خريف

يحصدنا معول ارتجاف

كذب هو الضوء

كذب هو فانوس رابعة الهجير.

صور شعرية تحاكي الواقع...فانطباعها الواقعي يسرع وتيرة خيال المتلقي فميتد من شعوره جسر من التواصل إلى عقله وخياله فيحس بالألم والحسرة ويتجمد الدم في عروقه ويصبح متبلورا قاسيا في نقل الأحاسيس المتكسرة وجعا فما عاد عابئا بها اعتاد على صوت الحرب المشرعة باهواء سياسية التي أخذت شكلا دمويا صاخبا كلت الألسنة من رفضها وهي تحصد المهج والأرواح البريئة .

في هذا المقطع الأخير من قصيدة "مستثنى بالوجع "احتلت الشاعرة مركز الرؤية في صلب النص وهي محكومة بنوازع إنسانية بذوق فني عالي المستوى مكنها من كشف الاقنعة بأفكار تعددت مداخلها الفنية التي تحقق غايتها في أحاسيس المتلقي فيتامل زيف التاريخ الحاضر وزيف الوعود على مرافىء الحياة ترسوا فيها سفن الخيبات بعد أن تمزقت اشرعتها برياح الأطماع التي جنزرت حياتنا... و استخدمت لفظ الجنزير لتدل على أسلوب قهر وحيف قديم استخدمته القوى الباغية لتقييد وأسر صوت الحقيقة عندما تسقط الاقنعة عن الوجوه المستعارة و تتعالى شرانق ظلمها.

لقد استبقت الشاعرة على خيالها الطبيعي وهي ترسم صورها قريبة من الواقع محفوزة بقيم الخير والفضيلة وبالقيم الأخلاقية والدينية الناهضة من وراء الفاظها وتراكيبها الموائمة للمعنى بصور شعرية مقرونة بزمانها ومكانها بآلية مطابقة لرؤية العين المجردة واقعا خلفت الحسرات والخيبات حتى الحلول الغيبية...وما مصباح رابعة الهجير الذي أشرق لها من ظهر الغيب بقدرة السماء لينير ظلام ليلها الدامس في كهفها إلا رمزا تجريديا تستعجل من خلاله رجاءها لقدرة الغيب في حل لمشكلاتنا ومواجعنا بعد افاضت بنا الوعود الكاذبة والخادعة في الأرض عن التماس حل .

إن الشاعرة" رفيف الفارس" في قصائد ديوانها (من يطرق باب الضوء) من خلال نزعتها الإنسانية في سياق الفضيلة نحتت بريشة كلماتها صورا مطابقة لواقع الإنسان العربي بشقائه والامه وهي تلوح لعراقها...عراق المواجع والآلام...عراق الحضارة على مر التاريخ..من وراء قلبها الذي ينزف حزنه ومواجعه على مرافىء الذكريات الجميلة وعلى شطوطه التي غردت عليها نوارس المحبة والسلام.

وهي تضع المتلقي على مفارق طرق ليقرع باب الضوء من خلال محافظته على القيم و المبادىء الإنسانية الراقية لتظل

حياته متسامية على الواقع...ممتنعة على الفناء والموت.

 

 النزعة الإنسانية وأثرها في الصور الشعرية عند الشاعرة العراقية رفيف الفارس قراءة في ديوان (من يطرق باب الضوء) الجزء الأول

 

من يطرق باب الضوء... - مجموعة شعرية للشاعرة رفيف الفارس

عبد الرزاق كيلو


التعليقات

الاسم: رفيف الفارس
التاريخ: 2019-06-22 00:45:04
كنت اظن ان الجزء الاول من دراسة الاستاذ الناقد الكبير عبدالرزاق كيلو ( #النزعة _الإنسانية وأثرها في الصور الشعرية ...) والتي تناول بها قصائد ديواني (#من يطرق باب الضوء...) قد اكتمل فيه ابداع التحليل وقراءة معاني النصوص وكنت شاكرة وفرحة وممتنة. لكن كانت المفاجأة كبيرة حين قرأت الجزء الثاني من الدراسة، والذي حمل تحليلا انسانيا عميقا وتماهيا مع معاني النصوص بدراية وبراعة واطلاع منقطع النظير. لقد فتحت عينيَ تعجباً وانا استرسل في قراءة الدراسة الرائعة وكيفية تقدم الناقد البارع لكلمات ومعاني كانت محاور أساسية حين كتبتها وتكون العمود الفقري للنصوص. لساني عاجز عن الشكر وقلبي خافق بالعرفان. دمت استاذي الغالي عبدالرزاق كيلو ودام نبض قلبك فقد قرأت باحساس انساني عميق. الف شكر




5000