.
.
  
.......... 
هالة النور
للإبداع
.
أ. د. عبد الإله الصائغ
.
.
د.علاء الجوادي 
.
.
.
.
.
.
.
ـــــــــــــــ.

.
.
.
.
.

..
....

.

  

ملف مهرجان
النور السابع

 .....................

.

.

.

 ملف

مهرجان
النور السادس

.

 ملف

مهرجان
النور الخامس

.

تغطية قناة آشور
الفضائية

.

تغطية قناة الفيحاء
في
الناصرية
وسوق الشيوخ
والاهوار

.

تغطية قناة الديار
الفضائية
 

تغطية
الفضائية السومرية

تغطية
قناة الفيحاء في بابل 

ملف مهرجان
النور الرابع للابداع

.

صور من
مهرجان النور الرابع 
 

.

تغطية قناة
الرشيد الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

.

تغطية قناة
آشور الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

 

تغطية قناة
الفيحاء
لمهرجان النور
في بابل

 

ملف مهرجان
النور

الثالث للابداع
2008

 

ملف
مهرجان النور
الثاني للابداع
 

            


قراءة نقدية للاستاذ محمد الملواني في الديوان الزجلي يا المهزوز على كفوف الريح

احسان السباعي

  


 الاستاذ محمد الملواني                                                                                   

الشاعرة والزجالة إحسان السباعي أصنفها من ذوات الحسنيين ، فهي الشاعرة التي تغوص في صور الفصيح وتراكيبه وبلاغته وإحالاته ، ومن جهة أخرى فهي الزجالة التي تغرف من ينابيع الفنون الشعبية أسناها ، ومن الأمثلة المتواترة أغناها وأشدها ارتباطا  بهموم الانسان بعيدا عن النوع ، لأن الإنسان وحدة متكاملة تحركه النوائب والهموم ، كما تحركه الأفراح والمسرات ورغد العيش ، فهي تطرب على آلة بوترين .

وبما أننا نتناول بالدراسة والتحليل من خلال القراءة النقدية لديوانها

 " يا المهزوز على كفوف الريح " لا بد أن نقدم تعريفا لكلمة الزجل بعيدا عن المرجعيات التاريخية أيا كان زمانها ، فالزجل فن شعبي قائم بذاته لا يمكننا أن نتنكر له أو أن نهمل أصحابه ، وإن فعلنا ، فحسب من فعل أنه من الجاحدين .

فالزجل في تعريف معجم المعاني يعني : زجل ، يزجل ، زجلا وزاجل    وزجل بمعنى طرب وغنى ، ونقول أيضا : زجل الرجل ، إذا رفع صوته وضج ، كما نقول : زجل الولد ، إذا لعب .

الزجل بهذا المعنى هو غناء وشدو بصوت مرتفع ، وتلاعب بالكلمات ، واللعب بالكلمات في عرف علماء البلاغة هو حمل الكلمة من معجمها الأصلي للدلالة على معنى آخر ، وكأننا نستعير الكلمات من حقل دلالي لنوظفها في حقل دلالي آخر لا علاقة له بالأصل ، وهنا تكمن قدرة الزجال وتميزه فالزجال لا يركب المعنى المباشر المطروح في الطريق والذي يتداوله العامة وتتقاذفه الألسن ... فالزجل ارتقاء بالكلمات وغوص في الصور البلاغية فالليل غير الليل ، والقمر غير القمر  وقس على ذلك دون أن تشعر بالحرج أو الضيق .

وبعد هذا التقديم البسيط يمكننا أن نستخلص أن الزجل هو فن من فنون الأدب الشعبي اختلف الباحثون في أصله ، وهو شكل تقليدي من أشكال الإبداع باللغة المحلية ، ويعتمد فيه أهله على المرتجلات والمناظرات ... 

/عتبة العنوان :

 وبالرجوع إلى ديوان الشاعرة والزجالة إحسان السباعي التي سبق لي أن وصفتها ب الشهرزادية " نجد أنها اختارت لديوانها عنوانا " يا المهزوز على كفوف الريح " وهو عنوان مثير يشد القارئ إليه ويدفعه إلى البحث في دلالته من حيث المفردات والأساليب ، فالنداء في العنوان الأصل فيه دعوة المنادى للإقبال على من نناديه ، ونجدها توظف حرف نداء يعتبر من أكثر حروف النداء شهرة واستعمالا ، لأنها صادقة على ما يبدو تثير انتباه من تناديه ، والمنادى هنا جاء مبهما مغلفا بصورة جمالية تضمر مكانة المنادى عليه ، وهو المهزوز على كفوف الريح ، والريح في عرف الثقافة الشعبية هو الكلام الفارغ الذي لا قيمة له ، ولا يمكننا أن نطمئن إلي سلامته ، أو أخده محمل الجد والاعتبار .فهو فضلة حينتها الزجالة ببديع كلامها لتلغ رسالتها ، وإن كانت الرسالة غير واضحة ، لأن مكونات أسلوب النداء ثلاثة وهي : حرف النداء والمنادى وجملة جواب النداء ، قد يجوز أن نحذف ركنا من هذه الأركان ، ويبقى الأسلوب قائما ، كأن نحذف حرف النداء ، ونحتفظ بالمنادى وجملة جواب النداء لأنهما عمدتان في الكلام ، إلا أننا نجد الشاعرة والزجالة إحسان السباعي أوقت خلخلة في الأسلوب وحذفت ما أصله أن يكون عمدة ، والقصد بالمحذوف هنا جملة جواب النداء ، أو الطلب أو إثارة الانتباه ...ولعلنا نجد في نصوص الديوان الغرض من هذا النداء ، ويمكن أن يكون الديوان صرخة في صيغة جملة جواب النداء وهذا الاستنتاج الاستكشافي هو الراجح عندي . فهي تطلب من الآخر المستتر في نصوصها والمهزوز على كفوف الريح أن يقرأ نصوصها ويتبصر الرسائل المضمرة فيها عله يرقى إلى ما ترضاه الشاعرة إحسان السباعي وتجنبه رياحها العاتية ، فهي تنادي منبهة قبل الإعصار ، إعصار فعل الكتابة كمدا وألما وفرحة وقرحة وأسفا ...

عتبة الصورة:

تمثل الصورة شجرة عارية أغصانها سامقة الى السماء تكاد تملأ الصفحة ، وترتبط الصورة ارتباطا جدليا بالعنوان ، فالريح فعلت فعلها في الشجرة ، ولكنها مع ذلك بقيت ثابتة لم تخنع للظروف الطبيعية ...

الشجرة هي الشاعرة والزجالة إحسان السباعي المرأة الصامدة المقبلة على الحياة رغم تقلباتها ، تتخذ من الشعر والزجل عكازا ترمي فوقه حملها ، فتشرق النصوص فتصير النوائب فرحة . وهي المرأة التي نجدها في المحافل الثقافية بشوشة تنسج حبال المحبة والمودة والتسامح بين نظرائها غير آبهة بفلتات اللسان . فالشجرة عندما تتخلص من أغصانها لا يعني موتها أو فناؤها وإنما هو بعث وإحياء في صورة جديدة حيث نجدها ترتدي لبوس الشعر تارة ولبوس الزجل ثارة أخرى .

شجرة غزتها الحمرة ، واللون الأحمر رمز للتضحية والفداء ، فهي التي نجدها تفدي القصيدة بدمائها متواجدة في كل المحافل تنثر أوراقها خصبا وسمادا .

تقول الشاعرة و الزجالة في إحسان السباعي في الإهداء : 

حروفي من جوفي مطرزة

وتسوالي ليكم مامخبي فحروزة

يرمي عليكم محبة وسلام .

إنه إهداء من جوف الشاعرة و الزجالة إحسان السباعي من دواخلها مفعم بالمحبة والقيم النبيلة سلما وسلاما وتسامحا ومهادنة مع نفسها ومع الأخر ومع المحيط ... فالحرف يجمع ولا ينفر ، يؤلف بين القلوب ولا يفرق ، يصل الرحم ولا يفصله ...

-الديوان باعتبار الموضوعات :

تقول الشاعرة والزجالة في قصيدة من ديوانها بعنوان " فين نخبيك من لموت   " ، ص 06  .

 قصيدة تظهر من خلالها شدة ارتباطها بالآخر ، ذلك الرفيق الذي جعلته نكرة مقصودة حين تقول : " يا رفيق " ، والمنادى النكرة المقصودة هو ما كان فيه المنادى نكرة ، والكلام موجه لشخص بعينه . هذا النكرة المقصودة الذي تنبهه مبرزة أن حياة إحسان السباعي الرفيقة لا قيمة لها بعيدا عن الورقة والقلم  ، فالقلم هو الوريد ، والورقة هي البردة التي تعطيها وجاهة وقيمة داخل الهيئة الاجتماعية.

تقول إحسان السباعي الشاعرة والزجالة في قصيدة " يا لعمر لمجرجر " ص:  22  واصفة العمر وكأنه مخردل بتلابيب الأيام التي أصبحت الخدود المبتسمة مصابة بالعوار  تنزف دما ، تحترق غما تسيل دمعا ...

لقد وظفت أجمل الصور في هذا النص وهي تنبش في حياتها اليومية ، وواقعها المعيش مستقوية بالموروث الثقافي الذي أنزلته منزلة الملح في الطعام ، واقع إجتماعي فعل فعله في إحسان تأثيرا وتأثرا ، فهي تنادي نفسها " ياظهري لمسوس " ص : 28  ، تنادي لأنها وجدت نفسها قليلة الحيلة تضرب أخماس في أسداس ، اختلط في ديوانها العقل وقلة العقل ، هي محن تركت وجعا في نفسية الزجالة ، وكأن فمها ألحق بها السوء ، والفم هنا رمز للقول ، وقول إحسان السباعي ما عهدناه إلا إبداعا ، فمتى كان الإبداع مذمة إلا في هذا الزمان زمان لم يعد فيه للقلم قيمة أو شيء يذكر ...

أمام هذه الاكراهات والصعوبات ينتاب الشاعرة والزجالة إحسان السباعي إحساس داخلي فتتخطى الحواجز والعوائق وتمسك القلم بأريحية وانطباعية ، فتخط أحولها مستمدة من الطبيعة الأدوات التي تخيط بها القصيدة الزجلية التي لا حدود فيها للتشوير فيبزغ الفجر فرحا ، وتشرق الشمس متفتقة ...

تقول الشاعرة والزجالة إحسان السباعي في قصيدة بعنوان : " هازني حالي " ص 32 

في هذه القصيدة  تعتبر القصيدة لعبا مع الحروف ، فعلا أصابت ، لأن كبار النقاد يعتبرون الإبداع لعبا ، واللعب هنا بهذا المعنى ليس ضده الجد ، فاللعب جد عند إحسان السباعي ، فهي جادة في لعبها والقصيدة تاج  ...

وسط زحمة الانشغال بهموم الذات نجد الشاعرة و الزجالة مهتمة بقضايا الوطن العربي وهمومه ، فجاء ديوانها مزينا بقصيدة عنوانها : " يا غزة " غزة رمز العزة والإباء ، يا مرقد الشهداء ، أيا حكاية الثوار ، وهيا همة الرجال ، غزة السجينة فيوضح النهار ، تقول ص : 44

وأنا أقرأ الديوان وجدت الشاعرة الزجالة إحسان السباعي توظف معجما يغلب عليه الطابع التشاؤمي من حيث تدري أو لا تدري ( مسوس - حماقي - قلة العقل - مجرجر - مرمدة - الموت - الظلام - قبر - تشطح بزز - الريح - الخلعة - الغراب - غزة - عضني فمي ...)

وإذا بحثنا في العلاقة التفاعلية بين المعاجم نجد الشاعرة والزجالة  وسط هذا التسوس الثقافي الاجتماعي الأخلاقي القيمي متمسكة بالقلم تدمي الحبر قصائد فتزف لنا بنات افكارها .

يعتبر أسلوب النداء علامة فارقة ومؤشرا دالا على أنها تثير انتباه الآخر ، كما تثر انتباه المتلقي  إلى موطن الحكاية ، ومن الأمثلة على ذلك :

يا نفسي يا عنايتي

يا لعمر لمجرجر

يا ظهري لمسوس

يا ذاك الشك 

يا لالة 

يا غزة 

هذا من حيث المعجم والأساليب وهما مظهران من مظاهر جمالية النصوص إلا أن نداها لم يتوقف عند هذا الحد بل جاءت بعض نصوصها جملا خبرية تظهر من خلالها انشغالاتها الذاتية والمجتمعية والكونية بأسلوب سهل سلس يخلف أثرا طيبا في نفس المتلقي ، جمل استعارتها من أفواه البسطاء ، ومن ألسنة المكلومين ، ومن تصدع المظلومين ، ومن معاناة المولهين .

بقلم محمد الملواني 

 

احسان السباعي


التعليقات




5000