الطيف الثامن
في الرؤيا زرتُ السيدة زليخة شاكراً سنيني التي قُدّتْ من دُبرٍ، سنيني التي أسْمَنتْها نَظراتُ النساءِ وتورطتْ بها كلُّ السكاكين في تقطيعِ رغبتي، فلو لا أن رأيتُ برهانَ حُبِّي ما كنتُ من الموقنين، فأيّامُنا روايةٌ تسردُنا رَجماً بالريب، ونحنُ شخوصُها الأصفياء، في كلِّ مرةٍ نتعاطى الخيالَ كي لا نخذلَ الراوي ، لذلك نحنُ أوفياءٌ لبلائنا، فمذْ كنتُ في رقيمٍ ذاكرتي أبحثُ عن أحلامي قرابة الأربعين دمعةً ونيّفاً ، كنتِ أنتِ تهزِّينَ برعشتي لتسّاقطَ فحولتي!!
يا زليختي، روحُكِ تمثلتْ لي ، بكلِّ أجْسادِ النساءِ اللاتي ضاجعْتُهُنَّ في قصائدي ، كثيراً ما تتحملين عني ذنوبي التي تهتِكُ اليقين ، فدَعيني أتوضأ بدمعِكِ الناصعِ الشوقِ، ليغفرَ ليَ ربِّي ما تقدَّم من عشقٍ وما تأخَّرَ!!
لا صافرات انذار في قلبي
تجوّلي في زوايا حرمانه، واقطفي أجملَ باقاتِ نبضهِ.
الوقت يفرحُ بحفيفِ كلماتِك، ويتلظى حين تهدأ رياحُ حبِّك،
يا أيتُها الطاعنةُ بي ، داكنٌ جنوني بكِ ،
لا سُؤالَ يحترمُ الجوابَ ولا جوابَ يحترمُ السؤال
كلٌّ في فلكٍ تائهون !!
أذرفُكِ مذ كانَ الغيبُ يعتاشُ علينا في الرقيم ، والوقتُ يعتصِرُ غيبوبة الانتظار ،
يا نبضِيَ الأحمرَ المتدفقَ في أوردةِ المساء
لا تُرمقي قافيتي ، فأنا ممنوعٌ من العزف الا على معناك !!
يبخرني اهتياجُك فاشتعلُ في قنديلِ أحلامكِ !!
حائراً تركنُني رغبتُك ، فاصطلي شعراً ، يخرجُ من بين الحُبّ والرغائب .
كلُّ المفرداتِ الخصبةِ التي كانتْ تراودُني في وصْفكِ اسْتهلكتني، وأرْدتنِي فتيلاً أسْتلهِمُ شذاكِ ،فأفشل !
يا لوحةَ المطرِ الموغلِ بالموسيقى ، تراشقي رويداً رويداً على نافذتي
كي أتماثلَ بالشعر والنقاء ..
كعصفورٍ ارْتمى على صدركِ وضعَتْني يداكِ
فلم يدرِ ، أ رياحٌ قذفتْ بهِ بين النجدين أم من ضعفٍ أودى بهِ الى هناك حيث السكينة في لهفة المأوى؟!!
أشعرُ بحبّكِ المتراكِمِ في أوردتي وآهاتِكِ الخضر ؛ حتى أني لم أفطنْ لوسامتي الا في عينيكِ ..
فالمسافة أميالٌ من الشوق ، تحْرقُ الزمنَ بعقاربٍ مجنونة
تكبِّلُني اليكِ بقبلةٍ عميقةِ الشفاه.
فلمّا طلبتُ من أحلامي أنْ تأتيني بقلبِكِ
قال سيِّدُهم : أنا آتيكَ به قبلَ أنْ تنهي كتابَك،
وقال الذي عنده حلم من الجواب : أنا آتيكَ بهِ قبل أن يرتدّ اليك حرفُك ،
فلا حاجة لكِ أن تربكيني يا سيدةَ النبض ،
يا شاردة الشعر في أزقةِ الخيالِ،
فانّي قَبرْتُكِ في أماني الشعراءِ وألغازِ الحكماءِ أمنيةً لا يَمَسُّها غيري.
* منشور في جريدة القدس العربي
http://www.alquds.co.uk/?p=824281
تحسين عباس
التعليقات