.
.
  
.......... 
هالة النور
للإبداع
.
أ. د. عبد الإله الصائغ
.
.
د.علاء الجوادي 
.
.
.
.
.
.
.
ـــــــــــــــ.

.
.
.
.
.

..
....

.

  

ملف مهرجان
النور السابع

 .....................

.

.

.

 ملف

مهرجان
النور السادس

.

 ملف

مهرجان
النور الخامس

.

تغطية قناة آشور
الفضائية

.

تغطية قناة الفيحاء
في
الناصرية
وسوق الشيوخ
والاهوار

.

تغطية قناة الديار
الفضائية
 

تغطية
الفضائية السومرية

تغطية
قناة الفيحاء في بابل 

ملف مهرجان
النور الرابع للابداع

.

صور من
مهرجان النور الرابع 
 

.

تغطية قناة
الرشيد الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

.

تغطية قناة
آشور الفضائية
لمهرجان النور
الرابع للابداع

 

تغطية قناة
الفيحاء
لمهرجان النور
في بابل

 

ملف مهرجان
النور

الثالث للابداع
2008

 

ملف
مهرجان النور
الثاني للابداع
 

            


مطر صيف - مسرحية

علي عبد النبي الزيدي

الشخصيات

1-فلانه .

2-فلان .


- المكان فسحة في بيت متواضع ، نرى بوضوح باب البيت الرئيس ، وبابين لغرفتي نوم ، نافذة تطل على شارع عام ، لاشيء في البيت يثير الاهتمام سوى صورة معلقة لرجل اسمه ( فلان ) وضعت في منتصف الحائط .. يبدو وسيما الى حد ما ، ساعة حائط .
-  تأتي ( فلانه ) تبدو في الخامسة والأربعين من عمرها تمشط شعرها تارة وأخرى تنظر لتفاصيل

وجهها في مرآة صغيرة في يدها ، حتى تصل الى النافذة ، تنظر نظرة خاطفة ثم تتركها .


فلانه :         الآن موعده ، الآن يأتي الغالي والوالي وشمعة الدار ، يأتي ، ياه ..   

( تتحدث مع الصورة ) أنا فلانه ، زوجتك ، أتذكرها . ما أجملك يا

زوجي ، ما أحلاك يا ماء العيون ، يا ضحكة طفلي التي طالما تخيلت

صوتها . لن أتفوه بكلمة عتاب واحدة معك ، فعمرنا لم يبق فيه أي

متسع للملامة والعتاب ، المهم انك ستأتي ، وسأعذرك عن غيابك

الطويل ،  هذا هو المهم  ( تستدرك ) غسلت ملابسك كلها ، كلها يا

روحي ، كنت في كل يوم أغسلها حتى غادرتها الألوان ، لابد أن

وجهك هو الآخر تغير شكله ، لونه ، ابتسامته ( تستدرك) أكلتك

المفضلة على النار ، على النار ، على النار ، يبووووي ..على النار ،

على النار تغلي منذ أن غادرتني وأغلي معها كل  لحظة ! كم أخاف

عليك من الدروب التي لا تؤدي الى بيتنا . أ تعلم أنني كل صباح

اغسل لك شعري ، وأسرحه تسريحتك التي تحبها .. حتى وجدته ذات

صباح وقد ضاع سواده وتحول الى شيء آخر ، ظلمة ، هندس ( تضرب

رأسها براحة يدها ، تتوقف ) لكنني صبغته لك ، صبغته يا بعد عمري

، مسحت البياض الذي يغطيه . لسنين وأنا اصبغ لك شعري ، أصبغه

واصبغه واصبغه .. علَّك تأتي . ولسنين أضع من عطرك الذي تفضله

دائما ، أتذكره ؟! عطرنا .. ياه ، ما أطيب رائحته . ولسنين عباءتي

فوق رأسي .. ابحث عنك في الشوارع والأزقة والبيوت ،ابحث عنك

في عيون الناس .. ابحث وابحث ، شارع يحولني الى شارع آخر

واخر يحولني الى اخر واخر يحولني الى اخر واخر واخر واخر واخر

واخر... وبيت الى بيت وزقاق الى جهنم ، علني أراك أو أرى من

رآك أو شاهد ظلك . يبوووووي ..سألت عنك كل الذين يعرفونك ، لم

اكتفي بذلك فسألت عنك كل الذين لا يعرفونك .. بلا فائدة .
                أغنيتك التي كنت ترددها لي دائما مازالت تنام في وسط عينيَ..

أتذكرها ( تغني ) :  (( زغيره جنت وانت زغيرون .. تعارفنا بنظرات العيون  ... )).. ستذكرها حتما ، عُميت عيني عليك .. ستأتي الان ، الآن سيدخل الى بيته ، لا اعرف كيف استقبله ، وماذا ارتدي من اجله ؟ ماذا يمكن لامرأة لم تر زوجها منذ عشرين عاما أن تفعل لحظة دخوله عليها كأنه الجنة ؟

وأنا لا املك قلبا استقبله به .. سوى باقات من شعري الأبيض ودموع

الفرح المحبوسة في حزني ، وبقايا من كلمات ساخنة . ماذا أفعل

يا ربي ؟ اشعر بخجل وخوف ورعشة تدب في جسدي . اعرف أن

الكلمات سيضيعها لساني كعادته ، ماذا سيقول لي عندما يراني هكذا

وقد شربتني هذه الحيطان ورمتني على قارعة غرفة باردة على طول

الفراش ؟ كم احتاج أن ابكي على صدره ، ابكي ، ابكي بحرقة ..

بكائي كفيل أن يعوضني عن كل الكلمات( بحزم ) هيا اطرق الباب ،

اطرقه ، أرجوك ، اطرقه ، من اجل حبيبتك   فلانه .. قالوا لي

ستأتي في هذه الساعة . ( تصيح بقوة) فلانه .. على أتم الاستعداد

لاستقبال فلان زوجها ، ملاكها حتى آخر الفجر ، روحها ، عمرها ،

حياتها .. اطرق الباب ، اطرقه اطرقه  ).. نسمع طرقات على الباب

الرئيس ، فلانه ترتبك ، قلق ، وجع ، آهات ، كلمات غير مفهومة ،

بكاء ، صمت(  طرقاته ، اعرفها ، ياه ....... هو ذا يأتي أخيرا في

موعده ..( طرقات مرة أخرى ).. حالا ، سأفتح الباب ( تذهب

باتجاه الباب الرئيس ، تقف بصمت ، تمد يدها   ببطء ، تفتحه ، يدخل            

(فلان 1) في الخمسين من عمره ، يبدو على درجة كبيرة من الإرهاق

والضعف والارتباك ..احدهما ينظر الى الآخر بشوق ، لهفة ، خجل ،

يتعانقان، لحظات من الصمت . ثم ينفجران بالبكاء ، بكاء خاص ،

يظلان هكذا مدة قصيرة بعدها يتوقفان)
فلان1 : يـــــــاه.......................................!
فلانه : يــــاه ...........! كيف أنت يا عمري ( تبدو في وضع غير مستقر ) يا  

عمري كله ، كله والله ، لا اعرف عن أي شيء أسألك !  

ولا اعرف عن أي شيء لا أسألك ! ماذا افعل يا ربي ؟ اعذرني ، أنا ، أنا

قلقة ، مرتبكة ، لا .. أنا خائفة ، لا ، لا ، لا ... كنت انتظرك ، كنت ، لا

اعرف ماذا كنت ...
فلان1 : احتاجك ، لا احتاج كلماتك ، أنت هكذا بكل تفاصيلك ، ( يتفحصها ) كأنني  

 تركتك ليلة البارحة .
فلانه : كأني لا اعرف هذا الوجه الذي طالما تخيلته ، ناديته ، انتظرته ، بكيت من

اجله ، اشتقت إليه !
فلان1 : جثة جاءت تحتفل بعيد ميلادها الذي أخذته القطارات ، قطار يسلمها الى

قطار آخر وآخر إلى آخر وآخر الى آخر وآخر الى آخر وآخر الى آخر

(يصيح ) وآخر الى آخر ...........
فلانه : ( تصيح معه ) يبوووووووي .. اسكت أرجوك ( تستدرك ، تنظر الى  

 الساعة ) الذي فيّ يكفي لألف زوجة وزوجة ( تهدأ ) تأخرت ، لقد تأخرت عن

موعد قدومك بضع دقائق ؟ ولكن لا يهم !
فلان1 : بضع دقائق ؟! يبدو أن قلبك قد توقف فيه الزمن .
فلانه  : ليس قلبي فقط .. لا عليك .
فلان1 : لـِـــمَ لم تنظري الى شكلي جيدا ؟
فلانه : حتى لا تنظر أنت الآخر الى شكلي جيدا !
فلان1 : ( ينظر الى تفاصيل المكان ) أشياء كثيرة تغيرت هنا.
فلانه : أشياء ؟! كل شيء ..( تغير الموضوع ) كم أنا مشتاقة لزوجي !
فلان1 : زوجك ؟ زوجك يقف الآن أمام حزنك بكامل بياض شعره.
فلانه : ( تستدرك ) زوجي ! نعم زوجي ، أنت زوجي ، آسفة...
فلان1 : لا أتذكر لحظة واحدة لم تكوني معي .
فلانه : لا أتذكر لحظة واحدة لم يكن زوجي معي ( تغير الموضوع ) أشعر انك جائع

 فلان1 : ياه .. كثيرا ، لرؤيتك ( يغير الموضوع ) أ كنت تبكين من اجلي ؟
فلانه : قل متى لم تبكين ( مباشرة ) علي أن اغسل لك وجهك من الغبار والدخان

والغياب والموت .. اسم الله على قلبك .. انتظر قليلا ( تذهب ، سرعان ما

 تعود ومعها إناء ماء ، تقوم بغسل وجهه بيدها )
فلان1 : عيناي تحرقاني ...
فلانه : سوداء عليّ .. ( تعيد غسلهما مرة أخرى )
فلان1 : هكذا أفضل .
فلانه : كل الذين غابوا .. عادوا كالدخان .. عُميت عيني .
فلان1 : يبدو أن الدموع قد عشقت عينيك .
فلانه : لا تشغل رأسك بعينيّ . أكلتك المفضلة على النار تغلي ، أووووووف يا

ربي.. تغلي ، تغلي يا بعد عمري . شايك وضعته على نار هادئة منذ

سنين طويلة ...
فلان1 : لا اصدق أنني عدت إليك .
فلانه : المهم أن اصدق أنا ذلك .
فلان1 : أما زال حبك لي كما تركته آخر ليلة .
فلانه : حب ؟! ماذا ؟ آ آ آ آ آ المهم انك عدت .
فلان1 : احتاج أن تقولي احبك .
فلانه : دعني اعتد على وجودك في روحي .
فلان1 : تخجلين من زوجك .
فلانه : لا .. أنا أخجل منك !
فلان1 : مني ؟ أنا زوجك . لا بأس .. اخجلي ....... هل تغير شكلي كثيرا ؟
فلانه : كثيرا .. لقد قلت لهم أن يعيدوك لي شابا ، يا ربي ، ماذا أفعل ؟ لقد أكدت لهم

ذلك ... !
فلان1 : ( يضحك ) يعيدونني ؟! وكيف يفعلون ذلك ؟
فلانه : يفعلون .. قالوا سنصنع لك نسخة طبق الأصل من زوجك .
فلان1 : ( يضحك بقوة ) يصنعون لك زوجا .. أين ؟
فلانه : في مصانعهم .
فلان1 : دمية ؟
فلانه : استنساخ ...!
فلان1 : ما بك ؟
فلانه : إنهم يستنسخون الأزواج ويرسلونهم الى الزوجات اللواتي فقدن أزواجهن ،

تعال انظر من النافذة ، تعال .. لا تخف ( تأخذه الى النافذة .. ينظر ) أ ترى

ذلك الرجل ؟
فلان1 : أراه .. انه صديقي ( يناديه ) هي .. أنت يا صديقي ، أنت .. ألا تسمع ؟
فلانه   : انه ليس حقيقيا .
فلان1 : صديقي ؟
فلانه : استنساخ ، استنسخوه وأرسلوه لزوجته .. جارتنا ، لقد ملّت من سريرها

الفارغ على طول الليالي ، أتصدق ؟ لقد أنجبوا أولادا مستنسخون ، لكنهم

سعداء . كل شيء مستنسخ..(  لفلان 1) ما أجملك أيها المستنسخ .
فلان1 : وأين ذهب صديقي الحقيقي ؟
فلانه : الأشياء الحقيقية في حياتنا عندما تغادر لا تعود إطلاقا ، ولكن يمكن لأشلائها

أن تعود كأشلاء صديقك !
فلان1 : أشلاء ؟! بمعنى ...
فلانه  : أ كنت ميتا ؟
فلان1 : ميتا ؟ أيقف الموتى على أقدامهم هكذا ؟
فلانه :   لا أعنيك .. اقصد زوجي الحقيقي الذي قتل في الحرب .
فلان1 : لم أمت إطلاقا ، أرجوك .. أنا متعب يا امرأة .
فلانه : لو أعادوك شابا لما كنت تشعر بالتعب.. خطأ فادح  .
فلان1 : أحس بأنني قد دخلت الى مصحة .
فلانه : كتبت لهم صفات وأوصاف زوجي كما أرادوا ، أعطيتهم نسخة من صورتك

المعلقة تلك ، تكلمت عنك كثيرا .. وهكذا قاموا بصنعك نسخة أخرى من

زوجي الغائب .

فلان1 : أتمنى أن امتلك عاقلا يستوعب هذا الجنون . حاولي أن تقولي شيئا مترابطا،

مفهوما ...
فلانه : كيف أجعلك تفهم ؟ لن تفهم .. ساقول لك شيئا : نساء ، لا شيء سوى الحريم ،

امتلأت الشوارع والبيوت والغرف الصغيرة النساء.. حياتنا من نساء ،

الرجال ذهبوا ، قتلوا ، غابوا ، فقدوا ، دفنوا ..نساء هنا ، نساء هناك ،

هنالك . كان لابد أن تتوقف الحياة هنا قليلا ، لا بد من وسيلة لإيجاد الرجال

.. صنعوهم وأرسلوهم الى الزوجات والأمهات والحبيبات دفعة واحدة .
فلان1 : ولكنني زوجك .. حبيبك الحقيقي .
فلانه : لم يتغير عندك أي شيء .. لذلك تقول أنا حقيقي .. انك مستنسخ ليس الا.
فلان1  :  ليس إلا ؟  : بل أنا هو فعلا .. ماذا يمكن أن افعل حتى تصدقينني ؟
فلانه : لا عليك .. ( تنظر إليه بدقة ) أي عقل هذا الذي استطاع أن يصنع لي زوجا

طبق الأصل .
فلان1 : رأسي يحتاج الى كلمات يدركها .
فلانه : حاولت أن أضع شيئا على وجهي .. قلت يجب أن أعيد حلاوته القديمة من

أجلك ، لكنه يابس لا يستقبل الألوان ، أردت أن أعيد تسريحة شعري التي

تحبها ، أن ارتدي فستاني الوردي .. هديتك في شهر زواجنا الذي لم يكتمل ،

كنت أحاول أن أكون زوجة ، لا فائدة .. يبدو أن المرأة الجميلة التي في

داخلي غابت هي الأخرى .
فلان1 : أريدك كما أنت بعيدا عن كل الألوان ، أنت أيتها الحبيبة.
فلانه :  ما أروعك .. لقد صنعوا لك ذاكرة تشبه ذاكرة زوجي.
فلان1 : أريد رأسك ، قلبك ، روحك .. كما تركتهم آخر ليلة .
فلانه  : وأريدك كما خرجت آخر لحظة ، آخر لهفة ، عناق .. أتتذكر ؟
فلان1 : عشرون عاما وأنا أعيش على دفء تلك اللحظة .
فلانه :  وكنت انطفأ .
فلان1 : لنكمل ما بقي من مشوار عمرنا يا زوجتي ، سأحاول أن أشعل ما تبقى من

شموعك وشموعي .
فلانه : تحتاج الى زوجة مستنسخة أيضا .
فلان1 : رحم الله عقلك .
فلانه : اليوم هو الموعد الذي حددوه للانتهاء من اكتمالك ، استوعب ذلك أرجوك .
فلان1 : لا أستطيع .
فلانه : لــم لا تقبل أن تكون زوجا مستنسخا ؟
فلان1 : لأنني حقيقة .
فلانه : أعرف أن هذا صعب أن ترضى به ، ولكنه ما حدث فعلا .
فلان1 : كل شيء بارد فيك ، استقبالك ، عناقك ، شوق إليّ ، انك تنامين على فراش

 من الوهم .
فلانه : انك لم تغب عني ، بل لم يكن لك أي وجود ، من أين آتيك بالشوق واللهفة

  والعناق .
فلان1 : ما أقساك .. كل هذا الكيان ولم يكن لي اي وجود .
فلانه  : كيف لي أن أوضح لك ؟
فلان1 : يمكنني أن أحكي لك عن العشرين عاما التي مضت .
فلانه  : ستحكي .. اعرف هذا ، ولكنك لست الذي حدث له ما حدث!
فلان1 : ( يصرخ بها ) حدث لمن إذن ؟
فلانه : لزوجي ................................
فلان1 : كم احتاج أن انفجر صارخا ، ضاحكا ، باكيا ...
فلانه : أنا سعيدة أن زوجي لم يمت .. لابد أن يأتي .
فلان1 : أنت سعيدة لأنني لم أمت ؟
فلانه : لا أعنيك ...
فلان1 : رأسي يقف على حافة بئر ، لا تنتظري مني أن أكون بكامل عقلي (يصيح )        

قلت لك أنا متعب يا زوجتي .
فلانه :  من ماذا ؟
فلان1 : من عشرين ألف ليلة وليلة وليلة وليلة ...
فلانه : أنت لم تعشها ، إطلاقا ، زوجي الحبيب هو الذي عاش آلامها ، غربتها ،

قسوتها .. لـــــم لا تفهم ؟
فلانه : لا بأس .. أين كنت إذن ؟
فلان1 : لم تولد بعد ، اقصد لم تصنع بعد .
فلانه : ( يضحك بقوة ) ومتى ولدت ، صنعت ... ؟
فلان1 : اليوم هو عيد ميلادك ، احفظه جيدا ، أرجوك أن تكف عن الضحك .
فلانه : ( يتوقف عن الضحك ( وهذا البياض الذي يغطيني تماما ؟
فلان1 : زوجي أيضا سيأتي محملا بأطنان من القطن .
فلانه : زوجك الذي لم يمت ؟
فلانه : بعد عشرين عاما اعرف أن زوجي الحبيب ما زال حيا ، كأنني اسمع حكاية ،

انك لا تعرفه مثلما اعرفه ، يحبني بجنون .
فلان1 : حاولي أن تصدقي ، أرجوك .. أريد أن أمنحك ما بقي مني ، ربما أكون قد

عدت بربع عاطفة وربع عقل وربع حياة .. أنا اعترف بأنني مجموعة من

الأرباع ، ولكنني سأهبها لك ، لك وحدك يا حبيبة .
فلانه : يا ربي .. كأنه هو ، هكذا كان يتحدث معي عن حبنا .. في تلك الليالي

الساخنة ، انك تجر ذاكرتي الى ليال لا يمكن تنسى .
فلان1 : كنت لا أغفو إلا على ذراعيك يا عمري .
فلانه : أعرف .. وكان لا يأكل أي شيء إلا وأكون بجانبه ،
فلان1 : قولي وكنت ، لا تقولي وكان ، ارجوك .. كنت لا آكل إلا من يديك .
فلانه : اعرف .. وكان يسمعني دائما أغنيته التي يرددها دائما ...
فلان1 : انتظري ، أغنيتي ، أتذكرها جيدا ( يترنم ) ((زغيره جنت وانت زغيرون .. تعارفنا بنظرات العيون ... وكالوا تره ذوله يحبون ... )) " أغنية عراقية شهيرة للمطربة انوار عبد الوهاب "

فلانه : يا ربي ، صوته ، ماذا اسمع ؟ في ليلته الأخيرة ، كان يعلم أنها الأخيرة .
فلان1 : بكيت فيها كثيرا بين عينيك ، بكيت في حضنك حتى تبللت ثيابك ، بكيت

 كصغير تائه في الطرقات .. ضاعت من فمه الكلمات ، فلم يجد سوى البكاء

بديلا عن كل اللغات.
فلانه : كانت ليلة من دموع .
فلان1 : ( يخرج من جيبه قارورة عطر صغيرة ) انظري الى هذه ...
فلانه : ( تأخذها منه ، تشمها بنشوة ) قارورة عطري ، هو عطري .. يا ربي ، أتتذكر

ماذا قلت لك عندما وضعت هذه القارورة في جيبك ؟
فلانه : (( عندما تشتاق لرائحتي ضع قليلا من العطر قرب انفك .. ستجدني أقف

        أمامك ، أمامك بكامل شوقي ولهفتي إليك ))
فلان1 : من أين حصلت عليها ؟
فلانه : منك ، أقسم لك أنها منك !
فلان1 : لا يمكن ، ماذا يحدث لي ؟ حلم ، حلم ، حلم ( تتحدث مع نفسها ) زوجي ،

  هو زوجي الحقيقي ، العطر ، الأغنية ، كلماته ، روحه ، تفاصيله ( تصرخ

به ) لا يمكن أن تكون إلا زوجي ، زوجي ، زوجي ، زوجي زوجي

الحقيقي.. والله زوجي ..( تبكي ، تصرخ ، تصيح ، تعانقه بقوة ، يبكي ،

يصبح البكاء لغة خاصة بينهما ...)
فلانه : أخيرا عرفتني روحك ، أخيرا ...
فلان1 : ( تتركه ، تذهب الى النافذة ، تصيح بالمارة ) اسمعوا ، أرجوكم .. أيها

المستنسخون : عاد زوجي الحبيب ، الحقيقي ، وعادت روحي معه ، عاد

حزام الرأس وعصابة الرأس ، أيها المستنسخون ، زوجي هو الحقيقة

الوحيدة في عالمكم المستنسخ .
فلان1 : عندما يشتد الليل على روحي ، أضع غطاء النوم فوقي ، أخرج هذا العطر

 من جيبي ، أضع منها قرب انفي ، فتأتين إليّ ، تنامين بجانبي ، أشعر بدفء

 أنفاسك ، أضع رأسي على قلبك فأسمع دقاته ، أسمعها تقول : أحبك ، احبك ،

احبك )) ( يتوقف ) لكنني عند الصباح أبحث عنك فلا أجدك ، فأكتفي

بالبكاء...
فلانه : أتصدق بأنني كنت كل ليلة أشم رائحة هذا العطر تأتي به الرياح الى غرفتي ،

فأخرج لأفتح باب بيتنا فلا أجدك ، انظر الى الطريق البعيد ولكن لا أثر لك ...
فلان1 : الآن لا أحتاج هذا العطر ، احتاجك ، أريد أن أتعطر بمساماتك .
فلانه : في الليل كنت اترك لك باب غرفتي مفتوحا ، كنت احلم أن استيقظ فأجدك

أمامي تقول لي : انهضي يا روحي .. لقد جئت ، انتظر قليلا .. ( تذهب

مسرعة ، سرعان ما تعود وهي تجر بحقيبة كبيرة ، تفتحها ، نرى فيها الكثير

 من الملابس السود ) انظر الى عشرين سنة من السواد .
فلان1 : لـــم هذا السواد ؟
فلانه : من أجلك .
فلان1 : لكنني لم أمت .
فلانه : الموتى هم الذين لا يعودون الى بيوتهم ، الموتى أولئك الذين يتركون زوجاتهم

مع غرف من ذكريات ودموع .
فلان 1 : لكنني خرجت من الوطن لكي أعيش .
فلانه : ومتنا من اجل أن تبقى .. لا فائدة ، الكلمات هي الأخرى ماتت منذ زمن بعيد ،

لنعش أنا وأنت تحت سقف جديد .
فلان1 : لنعش أيتها الحبيبة ، لكنني حسبتك مجنونة .
فلانه : ( تضحك ) اعتقدتك مستنسخا ، تصوّر ...
فلان1 : ( يضحك ) وأنا أيضا .. كدت اقتنع بهذه الفكرة .. تصوّري ...
فلانه : كنت أفكر كيف أتعامل مع هذه الآلة البشرية ، تصوّر ...
فلانه : أخذت أتحسس جسدي ، كنت احسب ...
فلان1 : ( تقاطعه ضاحكة ) تصوّر ...
فلانه : ( يضحك بقوة ) تصورّي ...
( يضحكان بصوت عال ، مباشرة يسمعان طرقات على باب البيت ، يتوقفان عن الضحك ...)
فلان1 : طرقات على باب بيتنا !
فلانه : طرقاته ...
فلان1 : أ تنتظرين أحدا ؟
فلانه : آ آ آ آ آ آ.. نعم ، انتظره ...
فلانه : ( يصيح بها ) من ؟
فلان1 : زوجا مستنسخا يشاركني العيش بين هذه الجدران .
فلانه : جنون آخر .
فلان1 : لا عليك ، سأقول له عد الى من صنعوك ، لا أحتاجك.
فلانه : لا تستقبليه ، اطرديه .. أريد أن نكون لوحدنا .
(يزداد الطرق حدة ) سأحاول معه ، اذهب أنت الى غرفتنا ، لا تقلق .
فلان1 : سأطرده بنفسي ...
فلانه : لا .. أرجوك ، لا أريدكما أن تتصادما ، دعني انهي هذه القضية ، اذهب

 أرجوك .
فلان1 : سأذهب ، ولكن تخلصي منه بسرعة ( ينصرف الى الغرفة)
                          ( طرقات الباب تشتد )
فلانه : ( لوحدها ) زوجان ؟! مهزلة ! شيء فائض عن امرأة كانت تتمنى أن ترى

ظل زوج في بيتها ، غرفتها . طالما تحدثت مع صورته ، ثيابه ، مكانه الذي

كان يجلس فيه ، كنت اطبخ الطعام لي وله ، نجلس سوية وراء المائدة ، أقول

له : هل أعجبك الطعام وأجيب على سؤالي ، يبقى طعامه على المائدة لليوم

التالي . أقدم له الشاي( نسمع طرقات حادة على الباب ) حالا ، حالا .. سأفتح

لك الباب ، انتظر قليلا ( تذهب باتجاه الباب ، يدخل فلان2 ، يبدو في

الخمسين من عمره ، الشعر الأبيض ينتشر في رأسه ، ينظر احدهما للآخر ،

 يحاول أن يعانقها ، تبتعد عنه ، يستغرب ... )
فلان2 : ما... ما بك ؟
فلانه : لا شيء ، لا شيء ...
فلان2 : ( يحدق في فلانه جيدا ) زوجتي الحبيبة ، أ يصح أن تستقبلي زوجك

الغائب بكل هذا البرود ؟
فلانه : هناك بعض الأخطاء ...
فلان2 : تقدمي وعانقي زوجك .. لـــم تبتعدين عني ؟
فلانه : انتظر قليلا ...
فلان2 : أنتظر أيضا .. يبدو انك قد صُدمت بعودتي .
فلانه : لا ..لا .. لا أبدا ، يا ربي .. انك تشبهه تماما .
فلان2 : من تعنين ؟
فلانه : زوجي !
فلان2 : أنت الأخرى لم يتغير فيك سوى ، سوى .. لا شيء ، لا شيء إطلاقا .
فلانه : إطلاقا ...!
فلان2 : لــم لم تعانقينني ؟
فلانه : لا ادري ( تحدق فيه جيدا ) لـم يعيدوك شابا أنت الآخر .
فلان2 : مثلما غادرتك السنين غادرتني ، أنا متعب يا زوجتي .
فلانه : توقف .. لقد سمعت هذه الكلمات قبل لحظات .
فلان2 : ما أجملك ، لنكمل ما بقي من مشوارنا يا زوجتي ، سأحاول أن أشعل ما

تبقى من شموعك .
فلانه : كلماته ... !!
فلان2 : كل شيء بارد فيك ، استقبالك ، عناقك ، شوقك اليّ ، ما بك ؟
فلانه : كلماته .. انك لم تغب عني ، بل لم يكن لك أي وجود ، فمن أين آتيك بالشوق

واللهفة والعناق ؟
فلان2 : ماذا تعني هذه الكلمات ؟
فلانه   : تعني انك لست بزوجي الحقيقي !
فلان2 : أنا لست ... ؟ ماذا إذن ؟
فلانه : مستنسخا ، قاموا باستنساخك طبق الأصل من زوجي .
فلان2 : رأسي يقف على حافة البئر ، لا تنتظري مني أن أكون بكامل رأسي                  

(  يصرخ بها ) قلت لك أنا متعب يا زوجتي.
فلانه : كلماته ، كلماته .. أقسم لك بأنها كلماته .
فلان2 : كلماتي ، كلماتي ...
فلانه : من أنت ؟
فلان2 : زوجك ، زوجك الحقيقي .
فلانه : كيف تكون كذلك وزوجي الحقيقي يجلس الآن في تلك الغرفة ( تشير الى

 الغرفة)
فلان2 : رجل آخر في غرفتي ؟
فلانه : أنت هو الآخر ، أما هو فزوجي .
فلان2 : ( يضحك ساخرا ) أصدقك وأكذب هذا الجسد الواقف أمامك ، وهذه الروح

التي تدب فيه ، هذا القلب النابض باللهفة إليك ، هاتان العينان اللتان طالما

عطشتا لرؤية عينيك ، يداي اللتان شلتا من الدعاء من اجل أن أعود إليك ،

أنا رجل من تفاصيل ، كيف أصدقك واكذب وجودي وتفاصيلي ...؟
فلانه : ( ببرود ) يحق لك أن تصرخ ، اصرخ كما تشاء ، ولكن الأمر يحتاج الى

 شيء من الهدوء .
فلان2 : الهدوء الذي ألغى فيه .. لا احتاجه يا زوجتي .
فلانه : أرجوك أن لا تتحدث عن الإلغاء ، فأنا امرأة لا تتذكر أنها كانت امرأة ،

 وزوجة نسيت أن لها فراشا دافئا ، وأم تيبس صدرها بانتظار طفل يأتي مع

ربيعك المؤجل دائما ...
فلان2 : أريد أن أكون زوجك ، ربيعك ...
فلانه : صعب جدا أن أجد لك المكان المناسب في قلبي .
فلان2 : لا يمكن .. أنت امرأة أخرى تشبهين زوجتي .
فلانه : ربما ...
فلان2 : لعشرين سنة كنت انتظر لحظة دخولي عليك ، لحظة عناقك ، لحظة أن

اسمع أنفاسك ، أن اقبل كل هذه الجدران ، أن أعانق الستائر والأرائك

والوسائد ، ولكنك الآن تقفين أمامي كشجرة لا تعرف سوى الخريف .
فلانه : من أين لك كل هذا الحب أيها الكائن ، كنت اعتقد انك مجرد آلة تشبه زوجي

الى حد ما .
فلان2 : ما أفظع ما تقولين .
فلانه : ماذا أسميك إذن ؟
فلان2 : زوجك ، وحق عينيك زوجك .. كنت احلم في الليالي الباردة بتفاصيلك

الصغيرة والصغيرة جدا ، احلم برائحة الشاي الذي تعدينه ، بهمساتك ...
فلانه : تأخرت قليلا يا عزيزي .. انك الآن لا يمكن أن تبقى هنا .
فلان2 : لو كنت اعلم انك ستستقبلينني بكل هذا الموت .. ما عدت إليك أبدا ، ولو

 علمت بأنني سأصبح زوجا نكرة لزوجة اعشق حتى راحتي قدميها .. ما

وصلت الى عتبة البيت.
فلانه : لن أتحمل كل هذا الحب منك ، عشق يأتي دفعة واحدة (تصرخ به ) لقد جف

الحب في عروقي .
فلان2 : لن أتحمل هذه الكلمات التي تطلقينها بصدري .
فلانه : لقد طلبت من أولئك الذين يستنسخون الرجال والنساء معا .. أن يستنسخوا

 زوجي الغائب ، وفي الوقت الذي كنت استعد لاستقبالك أيها المستنسخ .. جاء

زوجي الحقيقي قبلك ببضع دقائق ، ماذا افعل ؟
فلان2 : اعترف بأنني لا أستطيع أن أفهمك .
فلانه : انظر إليه من فتحة مفتاح باب الغرفة ، انظر ...
فلان2 : الى من ؟
فلانه : الى زوجي الحقيقي .
فلان2 : الحقيقي ؟  ( يذهب مسرعا الى الباب ، ينظر من الفتحة .. سرعان ما يترك

الغرفة فزعا ... ) ما هذا ؟ انه أنا ! ماذا افعل أنا في الغرفة ؟ هل أنا هنا أم

هناك ؟ أين أنا ؟
فلانه  : يمكنك الآن أن تغادر بعد أن تأكدت بعينيك .
فلان2 : أنا الزوج الحقيقي ، أما هذا الجالس في الغرفة هو هو هو هو المستنسخ ،

وعليه أن يغادر حالا .
فلانه : انه زوجي ، أما أنت فلا أعرفك .
فلان2 : أ يحتاج الزوج الى أدلة حتى يثبت لزوجته انه زوجها ؟
فلانه  : إذا كنت بلا أدلة كيف أصدقك ؟
فلان2 : ( يخرج من جيبه قارورة عطر نفسها التي أخرجها فلان1 ) انظري الى

 هذه...

 فلانه : ( تأخذها ، تشمها ) يا ربي ، انه عطري المفضل !
فلان2 : أنت من وضع هذا العطر في جيبي آخر ليلة .
فلانه : فعلت ذلك فعلا لزوجي .
فلان2 : ألم تقولي لحظتها : (( عندما تشتاق لرائحتي ضع قليلا منها قرب انفك ،

 ستجدني أقف أمامك ، أمامك بكامل شوقي ولهفتي إليك )) ؟
فلانه : ( في ذهول تام ) لا ، توقف ...
فلان2 : عندما يشتد الليل على روحي .. أضع غطاء النوم فوقي ، اخرج قارورة

العطر من جيبي ، أضع قطرتين قرب انفي ، فتأتين إليّ ، تنامين بجانبي ...
فلانه : ( تصرخ به ) توقف ، توقف ، توقف ...
فلان2 : كنت اردد دائما تلك الأغنية ، أتذكرينها ، ( يغني ) ((زغيره جنت وانت زغيرون .. تعارفنا 

بنظرات العيون  ... ))

فلانه : ( تعانقه ) زوجي الحبيب ... ( تبتعد عنه ) ابتعد عني ... من أنت ؟ زوجي

 الذي كنت انتظره ، تعال أيها الحبيب( تصيح به ) لا .. توقف ، انتظر قليلا

.. ( تذهب مسرعة ، ولكنها تعود مباشرة وهي تمسك ببذلة رجالية بيضاء

اللون ) سلها ، سل بذلتك كم انتظرتُ عودتك ، سلها . ( تذهب مرة أخرى

وتعود ومعها مجموعة كبيرة من ملابس أطفال ) سل ملابس أطفالك الذين لم

 يأتوا ولن يأتوا .. كم سبحوا بدموعي ، سَلهم ( تتركه ، لكنها تعود مسرعة

وهي تحمل رزمة كبيرة من الصحف ) ابحث في هذه الصحف عن خبر

صغير يؤكد انك ستعود ، امتلأ البيت بالصحف ، لكنها بلا خبر عنك ، بلا

كلمة واحدة أو حرف يشير إليك ...
فلان2 : توقفي أرجوك ، لا تذهبي .
فلانه : ( تتوقف ) لقد عدتَ في الوقت الضائع يا عزيزي .
فلان2 : ولكن عليك أن تطرديه حالا .
فلانه : هو أيضا أرادني أن أطردك حالا .

فلان2 : لقد اخطأتي باستقباله ( ينادي عليه وهو في الغرفة ) هيا اخرج أيها الرجل ،

        اخرج من غرفتي ، اخرج ...
فلانه : ( تحاول إسكاته ) لا .. ليس هكذا ، أحدكما عليه أن يغادر البيت ، ولكن من

منكما ؟ من ؟
فلان2 : أخرجيه الآن ، أنا متعب يا زوجتي ، سأقوم بإخراجه بالقوة .
فلانه : لا ، ليس هكذا ، اذهب الى الغرفة الثانية ، علّني أجد حلا ما .
فلان2 : سأذهب الى الغرفة ، وعندما اخرج منها يكون هو قد غادر البيت ، عدا             

ذلك .. لا أجد حلا سوى القوة . ( ينصرف الى الغرفة الثانية)
فلانه : ( لوحدها ) من منهما عليه أن يغادر ؟ من منهما الحقيقي ؟ ( تناديهما ) أنتما

 أيها الزوجان الحبيبان .. تكلما بصدق أرجوكما ، من منكما زوجي الحقيقي ؟

( لا احد يرد ) يا لهذا الصمت ( تذهب الى بابي الغرفتين ، تنظر من فتحة

المفتاح اليهما ، تتوقف ...) يا عيني .. كلاهما متمدد بروحه على السرير ،

جسد واحد توزع على الغرفتين ، سأجري القرعة لاختيار الزوج الحقيقي ،

شيء تافه فعلا ( تتردد الأغنية بيأس ): ((زغيره جنت وانت زغيرون .. تعارفنا بنظرات

العيون  ... ))

 فلان1:( يخرج من الغرفة ) ها .. هل طردتيه ؟ هذا اقل ما يمكن فعله .
فلانه : لم اطرده .
فلان1 : إذن خرج بهدوء .. لم أتوقع ذلك .
فلانه : أنت نسخة أخرى منه .
فلان1 : هو نسخة أخرى مني .
فلانه : كل أشيائكم مشتركة .
فلان1 : المهم انه غادر .. أنت الليلة عروسي الغالية .
فلانه : لم يغادر .. هو في الغرفة الأخرى .
فلان1 : في الغرفة ؟ ماذا يفعل ؟
فلانه : نائم على السرير ، يتهمك بأنك أنت الزوج المستنسخ !
فلان1 : حاولي أن تتحدثي عن موضوع آخر ؟
فلانه : ويقول أن عليك أن تغادر البيت حالا .

فلان1 : من المؤكد انك قد صرختي بوجهه : (( اخرج ، انه زوجي وحبيبي ، أنت

 من عليه أن يغادر ... ))
فلانه : الأمر لا يحتاج الى صراخ ، اذهب وانظر من فتحة مفتاح باب الغرفة .
فلان1 : ( يذهب الى الفتحة ، ينظر ، سرعان ما يتركها ) ما هذا ؟ انه أنا ، ماذا

افعل في الغرفة وأنا هنا ؟
فلانه : أنا مجنونة ، لا احتاج الى جنون آخر .
فلان1 : ليغادر من هنا ...
فلانه : قد يكون هو ...
فلان1 : سأقتله إن لم يخرج الآن .
فلانه : تقتل من ؟ المستنسخ ؟ أم الحقيقي ؟
فلان1 : هذا يعني انك ما زلتي تشكين بي .
فلانه : أشك بأحدكما !
فلان1 : من هو زوجك فعلا ؟
فلانه : أحدكما .
فلانه : أنا أم هو ؟
فلانه : ( تصيح ) أحدكما ، أحدكما ، أحدكما ...
فلان1 : أنا هو .. أحدكما ، أنا أحدكما ...
فلانه : جئتني بأدلة فصدقتك على أثرها ، وجاءني بنفس الأدلة .. ماذا تريدني أن افعل

إذا كذبته كذبتك وإذا صدقته صدقتك .
فلان1 : لا أفهم كل هذه الثرثرة ، قولي له أن يخرج من بيتي ، أطيعي زوجك .
فلانه : كم احتاج أن أطيعك في أن تكون زوجي فعلا .
فلان1 : لماذا تريدينني أن أكون مستنسخا ؟
فلانه : لأنك لن تستطيع أن تعيش في عالم مستنسخ وأنت الحقيقة الوحيدة فيه .
فلان1 : كيف اخرج من جلدي ؟
فلانه : ستجد نفسك في اقرب وقت وقد خرجت دون أن تدري .
فلان1 : لا يمكن أن أعيش بهذا القدر من الجفاف .
فلانه : كما ترى نحن مستمرون فيها .
فلان1 : لا أستطيع أن أعيش دون حب .
فلانه : أ تعتقد انك ما زلت حيا ؟
فلان1 : أحاول أن أكون حيا ، الحياة التي أريد لا تشبه حياتكم ، إنها حلم لا يدركه

العقل ولا يحسه القلب .
فلانه : اذهب واغتسل من هذه الأفكار .
فلان1 : أحذرك واحذره من البقاء في بيتي ( ينادي على فلان2 ) أنت أيها الكائن

 المستنسخ .. هيا اخرج من غرفتك ، عليك أن تغادر من بيتي حالا ، أيها

المستنسخ .. اخرج ، لن اسمح لك بالبقاء أكثر ، أيها المستنسخ ...
فلانه : توقف أرجوك ، سأحاول أن أوصل صوتك إليه ، لابد أن نجتمع ، نتحاور ..

علنا نصل الى الحقيقة .
فلان1 : سأواجهه بقوة .
فلانه : ليس الآن ، دعني افعل شيئا من أجلكما ، اذهب الى غرفتك ، أرجوك .
فلان1 : سأذهب الى غرفتي علني أجد فيها شيئا حقيقيا واحدا يذكرني بأنني مازلت

حيا . ( ينصرف الى الغرفة )
فلانه : ( تذهب مسرعة ، تطرق باب غرفة فلان2 ) أنت أيها الرجل ، هل يمكن أن

تخرج ، أريد التحدث معك .
فلان2 : ( يفتح الباب ويخرج ) ماذا حدث ؟ من المؤكد انك قمتي بطرده .
فلانه : لم يخرج ، ولا يريد الخروج ، ولم اطرده .
فلان2 : آما يخجل أن يبقى مع امرأة ليست بزوجته .
فلانه : ربما يكون زوجي .
فلان2 : ربما ...
فلانه : وربما تكون أنت زوجي .
فلان2 : أنا احبك .
فلانه : أي ألم أن توضع بين قلبين عاشقين .
فلان2 : أنا العاشق الأوحد .
فلانه : هو يحبني أيضا .
فلان2 : وأنت تحبين من ؟
فلانه : لم لا تفهم ؟ على أحدكما أن يعترف ، سأحترمه كثيرا ، عليه أن يقف هنا بكل

جرأة ويقول بأنه الزوج المستنسخ ويخرج بصمت من البيت .
فلان2 : وحكاية حبنا ؟
فلانه  :  إنها نفس الحكاية .
صوت فلان1 : ( من الغرفة ) زوجتي .. تعالي أرجوك ...
فلانه  : انتظر قليلا ، سآتي حالا ...
فلان2 : لن تذهبي إليه ، أما تخجلين من زوجك ؟
فلانه   : ربما يكون قد أرادني لأمر هام .
فلان2 : أنا هنا رجل البيت ، قد تكون رجولتي غابت لبعض الوقت ، ولكنني عدت

فعادت معي .
صوت فلان1 : أين أنت أيتها الزوجة ؟


فلانه : أنا قادمة إليك ( تنصرف الى غرفة فلان1)
فلان2 : ( ينادي عليها ) قلت لك في الخمسين من عمره ، يبدو على درجة كبيرة من

الإرهاق والضعف والارتباك ( ينادي على فلان1 ) أنت أيها المستنسخ ،

اخرج من بيتي حالا ، ابحث لك عن زوجة مستنسخة ، عش في عالمك

المستنسخ بعيدا عنا ( يتوقف ) عليّ أن أجد شيئا أقاتل به ، قد يكون شرسا ،

يجب القضاء على احدنا بأية صورة كانت ( ينصرف الى الغرفة )
فلانه : ( تأتي مسرعة ) أين ذهبت ؟ ( تذهب الى الغرفة ، تنظر من فتحة المفتاح )

انه يبحث عن شيء ما ( تترك الباب ) ماذا يريد أن يفعل ؟
فلان1 : ( يأتي غاضبا ) لن يستطيع أي احد إخراجي من بيتي ، أنا هنا الحقيقة (

يضرب باب غرفة فلان2 ) أنا الحقيقة ( يحاول أن يفتح الباب ) افتح الباب

أيها المستنسخ ، سأخرجك بالقوة ، ما زلت قويا وقادرا على إيقاف هذه

المهزلة في بيتي ، إذا كنت رجلا فعلا .. اخرج لمواجهتي ، سأضربك ،

أرميك خارج البيت ( للزوجة ) ألم أكن شجاعا ؟ سأجلب من غرفتي شيئا

أقاتل به ( ينصرف الى الغرفة مسرعا)

فلان2 : ( يخرج من غرفته وهو يمسك سكينا .. يذهب مباشرة الى باب غرفة فلان1

، يضربه الباب بالسكين ، يحاول فتحه ) أنت أيها المستنسخ .. أيها النكرة

، اخرج من بيتي حالا ، هيا واجهني إذا كنت زوجا حقيقيا ، أين هي

شجاعتك أيها المستنسخ ( يفتح الباب بصعوبة ويدخل الى غرفة فلان1 ،

 تدخل فلانه وراءه .. نسمع كلاما لا يبدو مفهوما ، صياح ، صراخ ،

 ضرب ، أشياء تتكسر ...في هذه الأثناء نسمع طرقات على الباب الرئيس

تأتي قوية ومؤثرة ، فلانه تخرج من الغرفة مذعورة ، تذهب مباشرة الى

الباب الرئيس ، تفتحه ، يدخل فلان3 ، في الخمسين من عمره ، يبدو على

درجة كبيرة من الإرهاق والضعف والارتباك(
فلان 3 : تعالي لتعانقي زوجك .. ( يتقدم باتجاهها ) تعالي ، تعالي ، تعالي أيتها

الزوجة الحبيب...

فلانه     :  ( تصرخ فزعة ) لالالا .. زوجي الثالث . زوجا ثالثا .. لالالا ، مستنسخ آخر وآخر وآخر وآخر وآخر وآخر وآخر ...

فلان3   :   ( يخرج من جيبه قارورة عطر ، يشير لها ) هذا عطرنا ، عطرنا ...

 

فلانه      :        ( تصيح ) مستنسخ آخر يداهم هذا البيت .. ربي (  تهدأ ، ولكنها بعد لحظات فقط تصرخ بوجهه بقوة ) اخرج ... ( تذهب باتجاه أبواب الغرف ) اخرجوا ، اخرجوا من بيتي حالا ، ما عاد هذا القلب يحتاجكم أيها المستنسخون ، ما عادت روحي تحتاج كلماتكم وذكرياتكم وأحلامكم وأكاذيبكم ووجوهكم الماسخة ، لم يعد لكم في القلب أي متسع للحب ، أبدا ( تتحدث مع قلبها ) توقف أيها القلب عن نبضك ، عن عشقك ، عن صفائك ، عن شوقك ، عن لهفتك .. توقف أرجوك ، يجب أن أنظف هذا القلب من وساخات انتظاراته الطويلة ، توقف . أنا أنا أنا أنا  كنت أفترض الحقيقة ، أفترضها فقط  ، الحقيقة وحدها ، وسأنتظرها هنا وحدي وحدي وحدي ( تصيح ) ستأتي ، لابد أن تأتي الحقيقة يوما ( للأبواب ) أما أنتم .. عليكم أن تغادروا بيتي الآن ( يصرخ بالأبواب والجدران ... ) غادروا ، غادروا ، غادروا ... ( تفتح الأبواب ويخرج الثلاثة بكامل خيبتهم ، تغلق الباب الرئيس وراءهم بقوة )  .

  ( انتهت)

العراق 2005

علي عبد النبي الزيدي


التعليقات

الاسم: خليل العجيلي
التاريخ: 2020-12-30 11:45:17
السلام عليكم أستاذنا العزيز والفنان المميز انا طالب في جامعة تكريت هل تسمح لي من بعد اذنك ان اطلب ان أخذ نص مسرحي من مسرحية مطر صيف لأنها طلبت مني كواجب حتى أخرجها انا طالب تربيه فنيه مرحلة ثالثة جامعة تكريت ان تسمح لي اكون ممنون وشاكر لك..محباتي

الاسم: علي عبد النبي الزيدي
التاريخ: 2018-01-08 18:22:28
اخي العزيز احمد البودالي .. شكرا لك ولكلماتك الجميلة .. ويمكنك ان تقوم باخراج نص مطر صيف ونص واقع خرافي . مع محبتي لك ويمكنك ايضا ان تتواصل معي عبر الفيسبوك. صفحتي بنفس اسمي.

الاسم: أمحمد البودالي ربح الله
التاريخ: 2018-01-07 17:56:29
سلام مجدد فضيلة الأستاذ:
بوركت سلمت يمينك ودام نبض قلمك ووحي عقلك وفكرك، سؤال فقطأستاذ:
هل لك أن تأذن للعبد الضعيف باخراجها أي هاته المسرحية ( مطر صيف ) و كذا مسريحة ( الميت) هذا وإن حظي طلبي بالقبول فلك أن توافيني بالرد على الإيمايل وعلى المحبة أستاذ
أخوك: أحمد البودالي الجزائري

الاسم: علي عبد النبي الزيدي
التاريخ: 2017-07-13 11:24:28
حبيبي ماهر سلمت روحك الجميلة . شكرا لارائك حول هذا النص . نعم هذه اخطاء بالطباعة وقد صححتها .محبتي وامتناني لك يارائع.

الاسم: ماهر
التاريخ: 2017-06-22 02:37:35
مسرحية جميله وحبكة محكمة ،ابداع في اختيار الكلمات وتصرف عجيب بالنص ، الأحداث تجبر المتلقي على المتابعة وتشده الى الحدث ، معاناة النساء وألم الفراق وانتظار الغائب الذي لا يعود ومأساة الحروب كلها افكار قدمت بحرفيه عاليه تحيه لك ايها الزيدي

ملاحظه يوجد اخطاء بسيطه في النص بخصوص الشخصية المتكلمة بدل ان تكون فلانه كتبت فلان وبالعكس

الاسم: سجى
التاريخ: 2017-04-03 21:53:28
استاذ اسفه هواي دااسئلك بس لان عندي بحث تخرج
استاذ سنه ٢٠١١و٢٠١٠هل كتبت اعمال مسرحيه
اذا كتبت ممكن تذكر اساميهم اذا ممكن
شكراً جزيلاً استاذ

الاسم: علي عبد النبي الزيدي
التاريخ: 2017-04-02 06:57:52
وعليكم السلام .. شكرا لك وربي يخليك لنا . نص يبووووي نشر تحت عنوان (عرض بالعربي ) في كتابي الصادر عن دار الشؤون الثقافية في بغداد عام 2011 والنص كتب عام 2008 .. بالنسبة للاعمال غير المسرحية .. كتبت الرواية ومازلت مستمر بكتابتها . محبتي لك

الاسم: سجى
التاريخ: 2017-04-01 19:48:26
السلام عليكم
مرحبا استاذ
طبعاً اعتدنا على الكتاباتك الرائعه والمبدعه
استاذي العزيز حابه اسئلك سؤال
مسرحية يبووو في اي سنه كتبت
وهل لديك اعمال في سنتي 2010,2011,
وهل لديك اعمال اخرى غير دراميه
ممكن الاجابه استاذي العزيز
وشكراً




5000