هواجس الخوف والفناء وإعادة التشكيل
هواجس الخوف والفناء وإعادة التشكيل
الموجز الاول في نهاية التاريخ الحديث
المقدمة:
كنت قد وضعت الخطوط الأولى لهذه البحوث في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين لاني أردت منها أن تشكل رؤيا تاريخية لكل المتغيرات الجيوسياسية في العالم العربي بالذات، والشرق الاوسط عموماً، وقد إعتمدت في معظم بحوثها وتقريراتها على سجلاتي التاريخية التي بقيت اغذيها لمدة تجاوزت الاربعين عاماً.إضافة لمتابعاتي لما تذكرة مصادر الاخبار والبحوث الحديثة شرقاً وغرباً.
ببساطة قد يتسائل اي إنسان عن ما يجري في عالمنا المعاصر، إذ لم يكن مجرد الدخول في القرن الواحد والعشرين حدثاً في تغيير القراءة التاريخية لللايام والسنين، ولكن المخطط التاريخي كان قد جعل المتغيرات عامة تتشكل نواتها في نهايات القرن السابق لتظهر أوائلها في بدايات القرن اللاحق، وهذا ما جرت عليه حركة التاريخ منذ ازمنة قديمة، إذ أن لكل قرن خصائصة ومميزاته في الظهور والفناء.
من هنا لم تكن إتفاقية (سايكس- بيكو) في عام 1916م مجرد عملية إعادة تشكيل الخرائط القديمة في الشرق، ولكنها إيضاً مثلت الموقف التاريخي من نهايات القرن التاسع عشر بفناء الامبراطورية العثمانية، وإعادة هيمنة أوربا على العالم القديم. (سايكس - بيكو) لم تكن مرحلة متقدمة من الحروب الصليبية كما يحلو لبعض المؤرخين التعبير عنها أو تفسيرها وفق حركة التاريخ، ولكنها حملت عناصر النشوء والفناء التاريخي بغض النظر عن الجوانب الدينية أو السياسية أو الاقتصادية وحتى الرؤية الاجتماعية، فليس هناك أي شكل من أشكال الغموض إذا ان قراءة متأنية لحركة التاريخ ستكشف إن عناصر ظهور الحضارات والامم هي ذاتها عناصر إنهيارها وفنائها.
من هنا جائت دراساتنا في فلسفة نهاية التاريخ لتكشف قضايا مختلفة في إنهيار ونشوء الحضارات والامم والدول وما يتعلق بالانسانية ككل على سطح البسيطة. وما ذلك إلا لأن الفناء جزء أصيل في علم الوجود، وكما أن الإنسان عنصر فانٍ في الوجود، فان كل ما يتعلق بالإنسان من كيانات ونشوء حضاري سيكون الى الفناء، غير أن الاهم في كل ذلك هو أن تكون عناصر الظهور هي ذاتها عناصر الفناء والإنهيار.
ان من أهم ملامح هذا القرن الذي نعيشه الان هي المتغيرات المتسارعة التي بدأت منذ نهايات القرن الماضي في الساحة الجيوسياسية الدولية بإنهيار منظومة الاتحاد السوفياتي وكل ما يتعلق بها من دول وحلفاء، ثم العودة بتشكيل حلف روسي جديد يضم بعض الدول الرروسية في الاتحاد السوفياتي السابق، وسيشهد هذا القرن هيمنة روسية وتراجعاً غربياً في مناطق النزاع السياسية مما يغير الخرائط الجغرافية والطروحات السياسية الدولية بشكل كبير ومتسارع يقع في حدود التفسيرات التي ذكرنها سابقاً في فلسفة تسارع حركة التاريخ.
معضلة خارطة العراق:
كانت المخابرات البريطانية قبل (سايكس - بيكو) وأثنائها تنظر الى خارطة العراق بمنظور تاريخي وسياسي في آن واحد ففي ذلك التاريخ لم يكن العراق بلداً نفطياً بعد، ولكنه كان الحد الفاصل بين المفهوم القديم لاسيا والتي تنتهي حدودها عند الحدود الغربية لايران وبين الشام التي كانت آخر معاقل الامبراطورية البيزنطية القديمة، اي أن العراق كان من الناحية الجغرافية يفصل بين اكبر امبراطوريات العالم القديم. ومن جانب آخر فان العراق سيشكل الممر الى الخليج (الفارسي- وهذه التسمية كما كانت ترد في ملفات المخابرات الدولية) وبالتالي فالعراق ممر الى الهند بحراً فيما إذا ارادت بريطانيا تجنب الطريق البري عبر ايران في يوم ما. وأما في المنظور التاريخي للعراق بعد سقوط الحضارات القديمة، ففي التاريخ الاسلامي كان العراق عبارة عن (ولايتي البصرة والكوفة) ثم (بغداد وسامراء في العصر العباسي) لا غير. وهذا التقسيم بقي سارياً لعصور طويلة في ظل حكومات متعددة في العصر العباسي الاخير والعصور التي تلت في بدايات تشكيل الدولة العثمانية. وكان سيمنح كل المكونات العرقية والاجماعية شمال الكوفة الى شمال سامراء امتيازات إستقلالية تتشكل في كونها خارج خارطة العراق.
ووفق الخرائط العثمانية فان العراق كان يمتد جنوباً حتى البحرين التي كانت هي والكويت من ضمن خارطة سنجق البصرة. حيث كانت البصرة واحدة من اهم الموانيء على الخليج بل لعلها الميناء الاكبر والاهم من النواحي التجارية والعسكرية والجيوسياسية.
من هناك كانت المخابرات البريطانية أمام معضلة صعبة في قضية رسم خارطة العراق، خلال اتفاقية سايكس - بيكو، حين بدت التشكيلات العرقية والدينية والاثنية تفرض نفسها في الواقع الجغرافي والتاريخي ثم في التشكيل الجيوسياسي للمنطقة ككل. غير أ، إكتشاف النفط كان قد رسخ بعض جوانب اتفاقية (سايكس - بيكو)، وبقيت جوانب أخرى تبدو معلقة في إذهان رجال المخابرات المتخصصين في صناعة الدول والحكومات.
وبعد مائة عام (قرن) من الزمان على إتفاقية (سايكس - بيكو) الاولى، وجد صناع القرار السياسي ان عملية إعادة التقسيم يجب أن تتخذ منحى آخر، حيث سيتم التفكيك والتفتيت من جانب، وجمع العناصر المفككة وإعادتها الى أصولها من جانب آخر.
+
التفكيك سيكون بتقسيم العراق الى ثلاث مناطق (أقاليم) وهو يتبع التقسيم السياسي الحالي الغريب والشاذ الذي اوجده (بريمر) الحاكم الامريكي في العراق بعد السقوط، حيث هناك ثلاثة عناصر تمثل اقسام العراق (الشيعة- السنة - الاكراد) وقلنا انه تقسيم شاذ لان من جانب يتبع التقسيم المذهبي (شيعة وسنة) ومن جانب آخر عرقي (الاكراد). حيث سيتم تشكيل ثلاثة أقاليم رئيسية وكل إقليم يتشكل من مراكز جغرافية وسياسية واجتماعية يتم الاتفاق عليها حيث ستظهر مسميات جغرافية وسياسية جديدة تدخل القاموس الجيوسياسي للقرن الحالي.
الشيعة:
سيحصل الشعية على الوسط والجنوب وقد يمتد شمالاً لتكون سامراء ضمن النطاق الشيعي. وأما بغداد المركز فسيتم وضعها في قالب سياسي خاص. وسيمتد الاقليم او هذا التقسيم شرقاً وفي الجنوب الشرقي الى الحدود مع إيران.
وفي الجنوب سيكون هناك مركز حكم اقتصادي كبير حيث إذ هناك اجراءات سياسية في مراكز القرار الغربي بانهاء وجود الكويت كدولة و سيتم إعادة الكويت لتكون جزءً من العراق من جديد. كما ستمتد حدود البصرة لتبلغ الاحساء والبحرين التي ستدخل هي الاخرى في الاراضي العراقية. وهذا الجانب من الخارطة الجديدة سيمثل عودة الى خارطة الدولة العثمانية، أي ما قبل سايكس - بيكو.
السنة:
سيمثل اقليم السنة معظم محافضة الرمادي الحالية ولكنه في الاغلب لن يمتد الى الموصل ولكنه سيشكل حدوداً مع الاردن غرباً وسوريا في الشمال الغربي والجزيرة العربية في الجنوب الغربي. وفي الجانب الشرقي فسيمتد شرقا الى حدود سامراء ووفي الوسط الى حدود بغداد. وهذا التقسيم هو الاخر كان موجودا في الخرائط المتاخرة للدولة العثمانية.
الاكراد:
كانت الاحزاب الكردية قد نشرت خرائط بعد سقوط بغدداد بيد القوات الامريكية تشير الى ان محافضات كركوك (النفطية) وأربيل والسليمانية والموصل ستكون ضمن سيطرة الاكراد وستمتد جنوبا الى شمال سامراء وفي الجنوب الشرقي الى ديالى التي يسعى الاكراد لضمها.
الإشكالات والمميزات:
الإشكاليات الاكبر ستظهر في النواحي الإقتصادية التي ستنعكس على العلاقات او القرارات السياسية:
أولا: النفط:
لا شك أن توزيع الثروات وخاصة منابع النفط سيكون من أبرز الاشكاليات التي سترافق عملية تشكل الخرائط الجيوسياسية والاقتصادية القادمة. حيث يصر الاكراد على ضم كركوك التي تتميز بضخامة انتاجها النفطي وهو مما سيمثل مركز القوة الاقتصادية للاكراد فيما لو تم فعلاً حصولهم على آبار كركوك. وأما الاقليم الشيعي فانه سيمثل تنوعا إقتصاديا فريداً حيث ان الكثير من آبار النفط تقع في الجزء الجنوبي من العراق وبالتالي فان عملية الانتاج والتصدير لن تلاقي اي معوقات عملية خاصة وان الجنوب هو الميناء الاقدم للتصدير والاستيراد عبر البحر.
ثانياً: مصادر المياه:
من الملاحظ جغرافياً أن إتفاقية (سايكس - بيكو) كانت قد وضعت مصادر مياه نهري دجلة والفرات خارج حدود العراق (تركيا وإيران)، إلا أن العراق حالة حال الكثير من الدول المشابهة في هذا المجال يخضع هو والاخرين لاتفاقيات دولية في تحديد الحصص المائية للدول المتشاركة في مجاري المياه (الأنهار والبحيرات والمسطحات المائية)، وبالتالي يمكن وضع إستراتيجيات مائية مناسبة كما يرى خبراء الاقتصاد في هذا المجال. وقد يحاول البعض إستغلال مصادر المياه ليتم التفاوض عن الماء مقابل النفط لكن ذاك لن يشكل عائقاً مستقبلياً في راي بعض صناع القرار الغربي.
ثالثا: المعادن والخامات المعدنية:
قد لا تكون عمليات التعدين قد لفتت إنتباه الحكومات العراقية السابقة إلا ما ندر حين صار العراق من منتجي الكبريت والفوسفات، غير ان معظم الخامات الاخرى بقيت بعيدة عن متناول يد المنتجين والمصنعين والباحثين على السواء، فالعراق يحتوي من الناحية الجيولوجية على كميات تجارية من الحديد والكوبالت والنحاس والمنغنيز واليورانيوم، اضافة الى عروق شهيرة للذهب والفضة كانت من اهم مصادر الثروة في العصر العباسي وقد طمرت معظم المناجم تحت مجرى نهر الفرات الذي غير مجراه كثيراً في القرون المتوالية اضافة الى انه كان قد غير مجراه عبر آلاف السنوات باستمرار.
من هنا يجب الاهتمام بمراكز صناعات الحديد والصلب وقد كان مصنع الحديد والصلب في جنوب العراق من المصانع الكبيرة وذات الانتاج العالي في الشرق.
الخليج:
عندما نذكر الخليج فاننا نعني الدول الواقعة على الخليج (العربي-الفارسي)، ولعل وضع الخليج تحت عنوان (عربي) أو (فارسي) لا يزال يمثل إشكالية على طرفي الخليج، إلا أن معظم الدراسات التاريخية القديمة تشير الى إسم (الخليج الفارسي)، في حين هناك خرائط منذ العصر العثماني ألأول في العراق كانت تعطي الخليج صفة (خليج البصرة) ولعل التسمية جائت منذ أن كانت البصرة تاريخياً أقدم ميناء تجاري كبير يقع في السواحل الشمالية لهذه المساحة المائية الكبيرة والتي تنفتح على المحيط الهندي، الذي يتصل به كل من البحر العربي وخليج عمان علماً أن هذه التسميات كانت قد ظهرت في العصور اللاحقة إذا أن كل المساحات المائية الهائلة بعد الخليج مباشرة كانت تعتبر جزء من المحيط الهندي أو ما يسمى في بعض الخرائط (البحر الهندي الكبير) بإعتبار أن مصطلح المحيط في الجغرافيا المائية ظهر مؤخراً ولم يستعمل في الخرائط القديمة.
من جانب آخر فان بعض المؤرخين كانوا يعتبرون أن الحدود الجغرافية للخليج تمتد الى كل المناطق المنخفظة شمال البصرة (الاهوار) وحتى منخفض بحر النجف، إذ كانت مدينة أريدو القديمة (حاليا في صحراء محافظة ذي قار - الناصرية-) ميناءً كبيراً في العصور السومرية الاولى وبقيت الى العصور البابلية المتاخرة قبل ان تتغيبر مجاري الانهار وتتشتت معظم مياه نهري دجلة والفرات في مخفضات الاهوار حين تغادر مناطق وسط العراق باتجاه الجنوب. وقد ذكرت بعض الروايات التاريخية ان السفن التجارية كانت تصل الى بحر النجف.
غير ان عدد من الدراسات الجيولوجية والاثارية المعاصرة كانت قد كشفت ان المياه التي تشكل بحر النجف مياه حلوة (اي اقل ملوحة وهي تشابه مياه نهري دجلة والفرات، وليست مالحة كماء الخليج) وذلك إستنادا الى الاصداف النهرية التي وجدت سواء في منطقة بحر النجف أو في مناطق اريدو القديمة. مما يعني بشكل واضح أن هذه المسطحات المائية كانت مغمورة بالمياه الحلوة وليست المالحة. وأما ملوحة الأهوار فهي بسبب ضحالة المسطحات المائية وقلة حركة المياة، أي أن عملية التغيير تجري ببطء شديد مما يساعد على إزدياد ترسب الاملاح. ( كنت أشرت الى ذلك في عدد من الدراسات السابقة وقدمت تفصيل جيولوجي معمق في بحوث كتابي (الجودي).
متغيرات خارطة الخليج:
الكويت والبحرين وقطر والامارات:
سنتطرق هنا لموضوع كانت قد ظهر في عدد من البحوث الاستراتيجية في مراكز الدراسات الاستراتيجيو الغربية، منذ اكثر من عشرين عاماً، وكان الدكتور (عبد الله النفيسي من الكويت قد ذكر ذلك في محاضرات له قبل سنوات)، كما ان حاكم ليبيا السابق (العقيد القذافي) قد اشار الى هذا الموضوع سنة 1997م عن معلومات استخباراتية خاصة.
بحدود سنتي 2020-2024م ستختفي الكويت كدولة على الخليج ويعاد ضمها الى العراق، وستدور مباحثات دولية كبيرة حول البحرين في أن تضم الى العراق أو الى بقايا الدولة السعودية. (قلت: بقايا السعودية لان المخططات القادمة ستعمل على تفكيكها بسبب الصراعات على العرش). أي ان البحرين هي الاخرى ستختفي من خارطة الدول، وكذلك قطر، فستضم الى بقايا السعودية بعض حوادث قبلية وصراعات داخلية
بقايا السعودية:
وأما السعودية نفسها فسيتم تقسيمها الى عدة دويلات أو أقاليم مستقلة في كل من عسير والحجاز والناحية الشرقية، إذ سيتم تفعيل خلافات العائلة الحاكمة في ارض الجزيرة وستحدث صراعات داخل العائلة حول العرش وهي قد بدأت فعلا منذ وفاة ملكهم (عبد الله بن عبد العزيز)، فالشروخ القديمة تتعمق بين الاجنحة الحاكمة وسيتخلى سلمان فعليا عن العرش ليجلس ابنه (محمد( الذي يشن منذ وقت ليس ببعيد مواجهة مع ولي العهد الحالي محمد بن نايف واولاد الملك عبد الله وبقية الجيل الثالث من ابناء أعمامه)، هذا الصراع سيكون سبيلاً لصراعات قبلية وعشائرية تفتح العديد من الابواب على إغتيالات سياسية داخل العائلة الحاكمة تؤدي الى تفكيك المملكة الى عدة ممالك، أو اقاليم.
ولما كانت الاحساء والقطيف تمثل جزءً تاريخياً من البحرين الكبرى (ديلمون) وهي تتمتع بغالبية شيعية فانها بحدود 2024م قد تكون من حصة العراق ليعود اقليم البصرة الى مساحتة الجغرافية الكبيرة المطلة على الخليج وبالتالي فان كل هذه الموانيء الاستراتيجية ستدخل في حدود العراق، ليعود العراق أهم مركز تجاري شمال وشمال غرب الخليج.
وأما منطقة الحرمين (مكة المشرفة والمدينة المنورة) فستتمتع بحكم ذاتي او شبه ذاتي كأقليم مستقل وسيتم تشكيل هئيات عديدة من الدول الاسلامية لادارة هذين الموقعين المهمين للمسلمين ككل قبل ان تتشكل هيئة واحدة تتحكم في الادارة الفعلية لكل من الحرمين المقدسين. وقد يتم تشكيل دولة خاصة بهما على غرار الفاتيكان، وهذا المقترح يطرحه حالياً عدداً من المراكز الاسلامية في الغرب وبعض الدول العربية والاسلامية.
عُمان:
كانت سلطنة عمان قد خسرت كل هذه الاراضي التي شكلت مشايخ الخليج والتي صارت تعرف باسم دولة الامارات وفق مخططات المخابرات البريطانية (1969-1971م)، وسيتم إنهاء وجود هذه الدويلات المجهرية لتعود إلى دولة عمان وبالتالي ستتحكم عمان بالسواحل الجغرافية للشمال الشرقي للخليج وكل سواحلها السابقة على الخليج المسمى باسمها (خليج عمان). وقد يتغير نظام الحكم في عمان ولكنه لن يكون تغييراً جذريا في بداية الامر، إلا إذا حدثت تطورات اوسع تؤدي الى تغيير جذري، علماً أن الدوائر الدولية تعتبر سلطنة عمان الحالية الاكثر هدوءً في الساحة الخليجية المتناحرة، ولهذا هي تفضل الحفاظ على هذا الهدوء لضمان التجارة الدولية القادمة عبر مضيق هرمز.
اليمن:
ستنتهي حرب اليمن قريباً بهزيمة مدوية للسعودية إذ ستعترف الولايات المتحدة وبريطانيا بفشلها في حرب اليمن وبالتالي فان الحل السياسي الجاري حاليا سيتطور الى إستقرار نهائي بسيطرة الحوثيين على المناطق الواسعة من صنعاء وحتى الشمال وسيتم القضاء على الارهابيين (القاعدة وداعش والنصرة وغيرهم) بعد ان يتم قطع التمويل والاتصالات والقضاء على مراكزهم الحيوية وتجفيف منايع تمويلهم بعد فشل آل سعود في هذه الحرب.
ستستعيد اليمن كل اراضيها التي احتلتها السعودية في ستينات القرن الماضي في نجران وعسير لعمق بضعة عشرات من الكيلومترات وقد تصل في بعض المناطق لعمق (100-120كم). مما يعني ان المساحة الجغرافية لليمن ستتضاعف تقريباً وهذا يمثل عمقا إستراتيجياً للمستقبل.
من سيبقى على سواحل الخليج؟
إذا كانت أيران تحتل كل السواحل الغربية للخليج من الشمال الغربية وفي الغرب والجنوب الغربي من مياه الخليج، فان العراق سيحتل شمال وشمال شرق وجزء من شرق الخليج. (إذا تم ضم البحرين للعراق إضافة للكويت التي هي اصلا جزء اصيل من البصرة.
فالمتبقي ايضا سيشمل (دويلات شبه الجزيرة العربية التي هي بقايا السعودية)، وسلطنة عمان، واليمن. باعتبار إختفاء كلا من الكويت والبحرين والامارات وقطر.
سوريا:
ستكون محادثات (جنيف 3 )المقبلة أساساً للحلقات الجديدة في (سايكس - بيكو) القرن الواحد والعشرين فيما يخص الملف السوري، فسيتم تقسيم سوريا الى ثلاثة أو أربعة اقاليم
الاول: سوريا العلوية التي ستمتد من اللاذقية الى حمص وحماة ودمشق، لكن الصراع سيستمر حول حلب بإعتبارها العاصمة الاقتصادية لسوريا.
ثانيا: محافظة السويداء، وقد تتحول لاقليم أو ان يتم وضع ترتيب حكم ذاتي للدروز داخل الدولة العلوية وبالتالي ستبقى ضمن حدود الدولة العلوية.
ثالثاً: بقية المناطق شرق نهر الفرات باتجاه الحدود العراقية فستشكل مراكز للقوى السنية التي تتعاطف مع السنة في غرب العراق.
رابعاً: الاكراد: فسيتم ترتيب حكم ذاتي أو شبه ذاتي يتمتع به أكراد سوريا بما يتمتع به اكراد العراق وقد تنفتح الأقاليم الكردية في العراق وسوريا على بعضها في المستقبل القريب مكونة دولة كردية مستقلة.
لبنان:
ستتقاسمه روسيا مع فرنسا حيث تسعى الاخيرة لحماية الوجود المسيحي في لبنان حيث ستؤكد فرنسا وجودها باقامة قواعد عسكرية في المناطق الجبلية في بنت جبيل وكسروان مثلاً. من جانب آخر سيدعم الوجود الروسي العلويين والدروز باتفاقيات عديدة عسكرية وسياسية واقتصادية. ولكن في الاغلب لن يكون للروس قواعد عسكرية في لبنان بل سيكتفون بقواعدهم في سوريا وخاصة قاعدتهم المركزية في مطار حميميم وقاعدة بحرية كبيرة في اللاذقية مع تطوير كبير للسلاح الجوي والبحري السوري من قبل الروس. كما سيستمر التعاون الروسي مع إيران وحزب الله في دعم سوريا ولبنان مستقبلا.
أ د. وليد سعيد البياتي
التعليقات