تطور صناعة الافلام السياسية في العراق
كان ولازال العراق ارض خصبة لرواج صناعة الافلام التجارية للشعوب البائسة التي تحاول التخلص من ازماتها السياسية والاقتصادية والنفسية في العراق, وبثها على شكل فايروسات وسموم في الجسد العراقي الذي يجهل البحث عن ذاته المسالمة وسط دهاء وحبكة صناعة الافلام. العثمانيون الاتراك كانوا اصحاب السبق في صناعة الافلام ذات الجودة العالية والمشاهد التأثيرية التي شرعة الابواب لدخول الثقافة الغربية للمجتمع العراقي, في حين احتلت الافلام الهندية مساحة شاسعة من تاريخ العراق السياسي, لكن الافلام الانكليزية استطاعت ان تحاكي الذائقة السياسية العراقية في تحول مرحلي منح العراق نقلة نوعية في الانصياع لحياكة المؤامرات وسرقة الثروات والارث التاريخي في محاولة لطمس الهوية التاريخية للبلاد. تطورت صناعة الافلام السياسية في العراق لتبحث عن مشاهد اكثر اثارة ومحاكاة لمشاعر الشعب الفقير اليائس الذي ما انفك يبحث عن اسباب الخلاص من ازمات كثيرة.. الاقتصادية تشكل السبق فيها, فرفع شعار الوطنية للخلاص من الافلام الاستعمارية الدخيلة على السيناريو العراقي, لتاتي موجة صناعة افلام القومية العربية التي انيطت مهمة ادارتها للشركة العربية المتحدة للصناعة المؤامرات الداخلية بطرق غربية متطورة تفوق ادراك الشعوب العربية. واستمرت القومية برسم صورة الامل المنشود بالتراقص على جراحات الشعوب التي تنشد الحرية والخلاص من الاستعمار الفكري والاقتصادي الذي ينهش الجسد العربي عموماً والعراق على وجه الخصوص, وامتازت افلام تلك المرحلة بالعنف والقتل والاغتيالات السياسية التي طالت ابطال افلام تلك المرحلة لتصبح الدراما اكثر تشويقاً حتى فاقت الافلام الاستعمارية اثارة. وسرعان ما قفزت الافلام الكردية على المشهد العراقي, بظهور ابطال يمثلون القومية الكردية التي ظهرت كرد فعل لسيناريوهات افلام القومية العربية, لترفع شعار المعارضة والمطالبة بالحكم الذاتي, وسرعان ما اغلق شباك التذاكر في صالات العرض التي كانت تمول من بقايا تدخلات دول الجوار التي لا يروقها رواج الافلام الكردية. الاحداث الساخنة للمشهد العراقي في دور العرض وخارجها, تطلب العودة للمشاهد التاريخية, وصناعة افلام عراقية تُقلب صفحات التاريخ وتبحث عن حروب تعيد للعراق امجاد طوتها السنين بعيداً عن حكمة لكل حادث حديث, ولكل زمان رجاله, تلك الخطوة اثارت حفيظة الغرب المشهور بصناعة الافلام الاستعمارية, التي تخشى تلك السيرة التاريخية للشعوب التي تملك عمق حضاري وتاريخي يسبب الاحراج لها كدول حديثة التكوين. جاءت ردة الفعل قوية هذه المرة من خلال الافلام الامريكية الاكثر تطوراً وتعقيداً واثارةً ومكراً ودهاءً, وامتازت تلك الافلام بتعدد السيناريوهات وقوة الطرح وشراسة الابطال الذين لديهم القدرة للخروج عن النص والتسبب بأكثر اذى للجمهور بعيداً عن الرقابة, والغريب في تلك المرحلة من تطور الافلام السياسية انك تسمع آنين الجمهور الرافض لمشاهد العنف والدمار الشامل, وتشاهد صور الرفض المختلفة للواقع المرير والتي تفوق في كثير من الاحيان صياغة سيناريو هوليوود, والمجتمع الدولي الذي ينادي بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لاعين ترى ولا اذن تسمع.
عباس ساجت الغزي
التعليقات