قراءة في قصص ( شجرة الأب )
ناطق خلوصي يرسم المصائر بمؤشرات واقعية
( إدائية الوقائع و دليل المتخيل )
أن من مواصفات المنزلة المتميزة و المثيرة في أدب الكاتب الأديب ( ناطق خلوصي ) القصصي ، هو أن هذا الأدب ينحاز دوما في توجهاته المحياكية الحكائية نحو منطقة شرائطية ميادين المؤشرات الواقعية ، التي تنصب بموجب حيزية مرجعية وقائعية خاصة ، تتخذ من جهة رؤية الدليل المخيالي لديها ، قيمة تصعيدية في شكل المقروء النصي ، و على هذا فأن القارىء لعوالم مجموعة ( شجرة الأب ) يلاحظ ثمة تشكلات و محفزات أستمرارية ، تكون نابعة من درجات وثوقية كبيرة في أجتيازية و أختيارية شكلية بناء المحكي القصصي في المجموعة ، و من هذه الأقاصيص التي في المجموعة ، نختار قصة ( في ظل أمل ) و هذا النص بدوره ، يطلعنا على ثمة مجريات حكائية ، تتصل أتصالا فاعلا ، و حدود كيفية أرسالية في قيمة الموصوف السردي ، و عند التدقيق في تفاصيل قصة ( الغنيمة ) نرى بأن أجواء الأحداث في هذه القصة ، تتقابل وفق شخصية تفاعلية نحو ترتيب زمني متضاعف و حقيقة قيمة العنونة المركزية الدالة ( الغنيمة ) ألا أن القارىء لقصة ( شجرة الأب ) يجد بأن القاص لربما يبدو غير دقيقا في لغة توزيعية المضمون الحدثي ، خاصة و أن فعل سيميائية ( الشجرة ) يدخل في تضمينات شكلية عديمة القيمة و الفائدة فنيا ، أي بمعنى آخر ، أن القاص في هذه القصة ، قد أعطى لموصوف الشجرة و لموصوف المركز المحوري
( الأب ) تقابلية موضوعية ، قد تبدو من ناحية دلالية ، مبالغ فيها نوعا ما ، ألا أن القارىء لربما يجد الأحداث و الشكل النصي في قصة ( وسط الظلام ) يتخذ شكلا متحركا نحو بنيات تخطيبية متقدمة و هائلة في مقاييس صنع الحبكة السردية ، فضلا عن هذا فأن القارىء لهذا النص ، يرى بأن هناك ثمة مستوى تتابعي و تصاعدي نحو ممكنات أستباقية في رسم تمفصلات الخط المضموني للحدث و الحوار و السرد و فضاء الرؤية ، حيث بالتالي و عند مرحلة الأقفال ، نرى بأن بلوغية الصفةالتشكيلية للمسرود ، قد تواردت عن مشارات وحدوية ، قد جعلت من الحدث القصصي بمثابة
( بؤرة التفعيل العام ) و الأنطلاق نحو منطقة المؤشرات الدليلية بمجرى الخطاب المنقول سردا . أما في قصة
( رائحة الماضي ) فنلاحظ بأن القاص ، راح يوظف مرجعية الواقعة الزمنية ، ضمن فواصل سردية ، محفوفة بمؤشرات مخيالية زاحفة نحو منطقة سلوكيات واحداث و شخوص ، أخذت تقترب من مجال أطلاقية الخطاب الذاكراتي المفكك ، و القارىء لهذه القصة ، لربما يعاين وجود ثمة دلالات تحفيزية نحو موقعية محددات ، قد تشير لأفعال حقيقية أو موهومة من جهة أخرى ، أي بمعنى ، أن نوعية الحدوث النصي في هذه القصة ، يشعر القارىء ، كما لو أن هناك قدرية حقيقية و ليست مخيالية ، لها اليد في أنشاء الحدث المحكي داخل فضاءات موهومة من أنزياح المرتسم الشكلي في النص ، و عند التدقيق قليلا ، في أحداث و شخوص هذا النص ، نرى بان الوحدة الزمنية و المكانية ، ناتجة عن متواليات قادمة داخل رقعة وقائعية مرهونة بمرجعية متخيل إشاري و تسجيلي في الوقت نفسه ، و هذا بدوره أيضا ما ينطبق على قصة ( إيقاع الفجر ) و قصة
( نشيج مكتوم ) و قصة ( مهمة عادية ) : أن مجموعة أقاصيص ( شجرة الأب ) عالم سردي بليغ في أحداثه و بمجريات الوقائعية اليومية المحسوسة : فأنا شخصيا ؟ عندما قمت بقراءة هذه النصوص ، رحت أشعر برطوبة جدران حارات بغداد الشعبية ، حيث التراث و مرارة و سخونة تلك الشرف الشناشيلية ، و حيث مرونة تلك الأشياء التنصيصية في أشكال و بواطن تلك النصوص ، و القارىء لعوالم هذه النصوص ، يؤشر لفهمه الواعي ، بأن هناك حيوات شخوصية تدعمها و بقسوة ، ثمة تبدلات زمنية و رهانات صورية كبيرة .
( السرد النصي و هموم المسرود )
بعد أطلاعنا على أقاصيص ( شجرة الأب ) أتضح لنا بأن هناك داخل تلك النصوص ، ثمة كيفيات نادرة الحدوث في قيم علاقات المتخيل السردي ، و على هذا نفهم ، بأن مكونات المشهد في أحتوائية تلك النصوص ، صار يشكل زمنا خطابيا مزدوجا في قيمته التداولية ، و عند زمن المقروء ، نلاحظ بأن خلاصات التركيب النصي ، ينحو منحى الحاقيا ، بقيمة محتوى التشكيل الأشاري برصفه الواقعة المسرودة في بنية فضاء فعل المقروء في حالة التوظيف الأتمامي في المتن ، على هذا نرى بأن جميع مرويات المسرود النصي ، تقع داخل محوريات مقطعية من فعل أوليات أولى من زمن خطاب المرسل اليه ، و تبعا لهوية هذا المرسل اليه ، فأن زمن الحالة القرائية ، تشخص لدى المتلقي بالأشارة ، بأن فضاءات النصوص تكون بمثابة الخاصيات اللقطاتية المقتطعة من تصديرات زمن الأحداث و الشخوص ، و من زمن صياغات ملفوظات التشكيل النصي المغاير لهوية مرجعية و قائعية زمن النص ، و ضمن هذا نرى ، بأن علاقات زمنية الأحداث ، لربما سوف تتخذ لذاتها شكلا تصعيديا جديدا في مجالات أكتمالية المسرود المنقول في الخطاب ، لعلنا من هنا سوف نقول للقارىء ، بأن قراءة أقاصيص ( ناطق خلوصي ) تبتدأ أولا بأطار أسترجاعات زمنية ، ثم بعد ذلك تبدو شكلا محكيا نحو ترهين مجريات الحاضر إزاء صياغات أفعال ماضوية ، تسجل للحدث المسرود حاضرا ، أعتبارات محاولة الأمساك ببنية زمن الخطاب المتواشج و مدلولات مرجعية الواقعة المسرودة بتناوبات الفعل المضاف على صعيد الخطاب الواحد ككل راهني . و ختاما لا أملك إزاء هذا التعريف الجزئي مني بما هو موجود في مجموعة ( شجرة الأب ) حيث لاحظنا بأن هذه النصوص ما هي ألا شكلا آخر في أسترجاعات صوت الراوي المضمر داخل ترهينات حلقة الحاضر الحدثي إزاء زمن تسجيلات الخطاب النصي المغاير ، و على هذا أيضا ، رأينا كيف أن علاقات مرجعيات الوقائع ، تكون دوما مصحوبة بداخل تلك النصوص ، على أساس من مخطط دلائلية مؤشرات واقعية الملامح و حياتية متناوبة داخل فسحات المشهد الواقعي القصصي : و على هذا لا أملك شخصيا ، سوى المزيد من الترحيب و التقدير للأستاذ
( ناطق خلوصي ) هذا الكاتب الذي قدم لنا و ما يزال يقدم أدبا و ثقافةو نقدا دراميا . و زيادة على هذا الكلام الذي قلناه بحق أقاصيص ( شجرة الأب ) أعود لأقول مجددا : أن المعيارية التي أتبعها القاص من خلال إشتغالية متون نصوصه تلك ، أخذت تعتمد أولا ، وظائفية ( الزمن ) و على وجه من التحديد أخذت تأطر المادة الحكائية ضمن موجبات أجرائية النسق الزمني داخل ملفوظات عناصر مادية المكان و من حدود الفعالية الذاكراتية الموجهة نحو خطابية شخوصية سردية لها كل الحضور داخل أوليات أستقرائية من مرجعية الوقائع المتخيلة ، و على هذا نرى بأن أقاصيص ( شجرة الأب ) قد جاءت صوغا أرتجاليا ، قريبا من حدود كشوفات الأستنباط الواقعي المكثف ، حيث نلاحظ أيضا بأن عملية القراءة لهذه النصوص ، تبقى رهينة نمطية خاصة من فهم ، دلالات و وظائف أولى من محكي زمن أنظمة البحث الدلالي القارة في حدود مرجعية بوح كشوفات المنجز الذاكراتي المعيش من زمن كتابة النص : هكذا هي عوالم نصية ( ناطق خلوصي ) زمنا ذاكراتيا مرهونا بقيم وظائف مركزية ، من أمكانيات بنية أنظمة سردية تذهب تفاعليا في محددات شفروية اللحظة الكتابية الحاضرة ، لهذا يرى القارىء بأن أغلب نصوص هذا القاص السردية ، ما هي ألا أنتاج دلالات شيء متكون من حدود أنبثاقات جريئة في مضامين شفروية ( الأنعكاس الذاتي ) و القارىء لأقاصيص ( شجرة الأب ) لربما يعاين مستوى أختلافية أفعال تلك النصوص من ناحية قرائية سريعة ، غير أنه في الوقت نفسه و من ناحية مفاهيمية لمرحلة الكاتب العمرية و مرحلة المسافة الفاصلة مابين أنشاء زمن النصوص ، يجد بأن هذه التواصلية الخطابية لدى زمن النص ، ما هي ألا جملة مراهنات فورية لمحاولة كتابة النص بموجب إحالات متواردة ضمنيا و أفق عملية أستفهام مجريات نظرية الرؤية لدى القاص ، و التي تواكبها من جانب ، علامات أستنطاقية خاصة لمصرحات مرحلة الكاتب العمرية في أنشاء دلالات و كفاءات وجه النص القصصي : من هنا أتمنى من النقد و معيارية النقاد أذا كان هناك فعلا لدينا نقاد كما يقال، أن يسلطوا ضوءا جديدا على عوالم الأديب القاص ناطق خلوصي ، لاسيما وأن في أدب هذا الكاتب القصصي ، ثمة ترابطية خاصة مابين مراحل و أشواط جيلية كبيرة ، و على وجه التحديد لربما أن القارىء النقدي يشم في رائحة هذه النصوص و هذا القاص ، ثمة نواميس تشير الى حدود مسورات الأدب القصصي الستيني ، كما أن هناك ثمة أنتاجية أسلوبية جادة لدى هذا القاص ، تربط فعل النص الحداثوي بحدود أفق تنصيص المرحلة الستينية . هذا ما قد وجدناه و لمسناه في تجربة أقاصيص ( شجرة الأب ) حيث وجدناها نصوص جميلة وشفافة ،تحمل علامات بنية الماضي وحضورية سؤال الحداثة المحير : أن العزيز ناطق خلوصي و في هذه النصوص على وجه التحديد ، راح يمزج لون كتابي بولادة أستجابات قرائية مؤثرة ، صارت تولد فينا منظومة ( الأثر / التلقي ) و تولد فينا أيضا الحب و الأحترام و الثقة بهذا ( الشيخ المبدع ) الذي لا يذوب ولا ينقطع من حيزية الكتابة الحرجة في قلب اللحظة الكبيرة .
حيدر عبد الرضا
التعليقات