محمد الجزائري بين ثقافة الأرشيف و النمطية المفهومية
( الخطاب النقدي في إحالات الأطروحة الذاتية ) قراءة في دراسة ( أسئلة الرواية )
في تقديري الشخصي أرى بأن مكونات و تفاصيل معالم دراسة ( أسئلة الرواية ) للناقد المثقف محمد الجزائري ،
قد أسهمت في أنضاج ظواهرية بنية عقولنا القرائية الهشة
و اللاهثة في كل مساعيها الدائبة ، لألتقاط وحدة موضوعة
الرواية العراقية ( الباردة ) في التكوين و المنشأ و الصيرورة
و التلقي .. أقول قولي هذا ، و أنا على يقين بأن ما جاءت به دراسة ( أسئلة الرواية ) للجزائري ، لا تمتلك سوى سمات
نصاعة المعنوية الخارجية من ، حقل دراسة اجرائية الرواية
و السردية الروائية ، بل أنها جاءتنا حلولا قرائيا محفوفا
بصعوبات الإبلاغ و التركيز عن ما تحتويه نماذج تلك الروايات ، التي كان قد أختارها الجزائري ، في موضعية معايناته التداولية العابرة .. ان فعل القراءة لدراسة كتيب
( أسئلة الرواية ) لربما سوف يجدها من قد قرأها من القراء،
مجرد معبرا سلسلا لإعلانية ما ، من شأنها أتمام نيل أطروحة درجة الدكتوراه الأكاديمية ، أو لنيل لقب الناقد
الروائي ، بجانب دراساته في حقل السينما و القصيدة و الصورة الدرامية .. و قد كشفت لنا عمق و تفاصيل هذه الدراسة الروائية السردية من جهة ما ، بأن جل مفردات
و أدوات و رؤية الجزائري للرواية بشكل عام ، قد حلت
عن قصور بالغ ، لاسيما وان سماته المنهجية المبحثية ،
كانت شبه ثقافية أرشيفية ، تحدها الأجزاء و البنيات
الظواهرية العابرة ، من حقل ممارسات النقدية الروائية
النمطية .. فعلى سبيل المثال ، لاحظنا ما جاء به فصل و مبحث ( التسجيل = الحقيقية ) من شروحات و معايير
وثائقية في مفاهيم التسجيلية و الكاميرا و صناعة المشهد الروائي ، و بذلك الأمر كان الجزائري مستعينا ، بنماذج عريضة و طويلة من الروايات العراقية ، كرواية
( الشياح ) و رواية ( بيروت .. بيروت ) و رواية
( القمر و الأسوار ) غير ان كل هذه النماذج التي كان يحاول من خلالها الجزائري ان يدعم الوحدة التطبيقية من جانب
في دراسته السردية ، لم توفر من جانب لحاجاتنا الاستيعابية
ما هو متمم للوحدة الموضوعية و الاقناعية ، وفي كل
معايناته تلك للظاهرة الخارجية و الداخلية من بنية مفهوم عنونة ذلك الفرع المبحثي ، و الذي بات متشعبا عند القراءة رويدا رويدا ، مع متغيرات حدود ذاتية الاسلوب في مباحث
تلك الدراسة ذاتها ، فمثلا ان الجزائري كان ، من خلال عرض مقدماتي ، راح يعرض فيه للنماذج الروائية المدروسة،
حرارة الكلام و الاستطرادات ، التي كانت ناتجة بدورها ،
عن خلفيات مصدرية واسعة في حقل السينما و النصوص الدرامية القديمة ، و دون ذكر ثمة صلة ما رابطة ، من
شأنها إيضاح حياة نماذجية المبحث ، و حياة مصدرية تلك
العوامل الأصولية التي استقاها الناقد في مشروعية مادة
عروضها المبحثية ، التي أضحت لنا في النتيجة الدراسية ،
و كأنها ملفات أرشيفية غير مبررة ، و سياقية علاقة المادة المنتخبة في دراسة ( أسئلة الرواية ) بل أننا و من جهة هامة،
وجدنا موقفا مشابها لهذا في فصل ( نماذج ليست للتعميم ) و من خلال مادة دراسة هذا المبحث ، لاحظنا بأن محمولات الإجرائية في هذا الفصل ، لا تقدم لنا سوى ملاحظات حول ما قاله ( لوكاش ) و ( رولان بارت) و هناك بعض من الأحاديث المسهبة و المتشعبة في مجال أرشيفية رواية
( البحث عن وليد مسعود ) و رواية ( تماس المدن ) و
رواية ( سليم الصابري ) و يستمر الجزائري بعد ذلك في الحديث الطويل ، حول مرحلة موضوعة التسجيل في
الأدب الروائي ، و دون أدنى ذكر ، لأحكام و معايير
مقاربات تلك المفهومية الإجرائية في نقد منهجية العمل الروائي ، و التي صار يعرضها و يوضحها لنا بطرائق
، الأرتداد العكسي ، المتجذر في ماهية الاصطلاح والمنظور التركيبي ، و من النتائج التي توصل أليها الناقد الجزائري
في دراسته ( أسئلة الرواية ) هو ذلك القول المنجز :
( فالذي جعل ستاندال و فلوبير و سرفانتس و بوكاشيو و
ديكنز و لورنس و بلزاك و زولا و بروست و موم و ولف
و تورجنيف و غوغول و تولستوي و غوركي و
ديستوفسكي و سارتر و كامي و بيكيت و كافكا و هنري جميس و توين و همنغواي الى آخر الرهط كبارا هو حجم المغامرة في الأبداع التي خاضوها .. نحن نحتاج الى المغامرة في الابداع بحثا عن الخلود كما فعل كلكامش
ص188)
( محمد الجزائري و اشكالية الرؤية الدراسية )
لو أردنا الاحتكام الى دلالة مصطلح و إجرائية مفهوم وحدة موضوعة دراسة ( أسئلة الرواية ) للناقد محمد الجزائري،
لما وجدنا هناك علاقات تواصلية في خطة بناء مفاصل الدراسة ذاتها .. بل ليس فيها سوى الأقوال والأحاديث
المتواردة على لسان هذا و ذاك من الأدب و الأدباء ، و
بعضا من الاخبار المصدرية المقتطعة عن أصولها الأصلية..
و عن مواضعها و مواطنها الحدوثية المتكاملة ، بل ان القارىء لها ، لايجد فيها سوى المساحة الهائلة من الاجماعات القولية و سلاسة الحديث اللبق حول مفاهيم
الاصطلاحات المنهجية الغريبة ، دون فعل ربط هذه الاصطلاحية داخل حيزا موفقا من موضعية تطبيقية مناسبة
، وحيزا مناسبا داخل مبحثية اللغة المستخدمة في العمل النقدي المطروح على طاولة القراءة و المطالعة ..و يمكننا
ان نستشف من كل ما وجدناه في دراسة ( أسئلة الرواية )
بأن هناك وجوه و حلقات وصل مفقودة في مصطلح
الملاحظة و المعاينة و قيم القراءة النقدية .. و لهذا الأمر وحده فنحن نميل الى هذا القول المؤسف ، بأن دراسة
كتاب ( أسئلة الرواية ) قد أنجز دون أدنى تقييد بشروط
المباحث الجادة و الاصيلة المتاحة داخل حقل الممارسة النقدية الروائية ، بل أنها مجرد ممارسة زمنية قولية اصطلاحية في معنونات زحزحة المفاهيم الرصينة في دراسة أسئلة و أجوبة معاينات العمل الروائي ، بل ان القارىء لدراسة الجزائري في الرواية ، لربما يلاحظ بأن هناك
زخما كثيفا لسلطة كلام الأنا الشخصية و هي تتشعب في مناخات الحساسية الموحية بلا محايدة في الايحاء بالمقصود
الاظهاري العيني في القول و الاداة المفهومية .. و بأختصار
شديد أقول بأن دراسة ( أسئلة الرواية ) ما هي ألا اضاءة
أرشيفية في حقل مواطن موضوعة الرواية العراقية ، و لكنها
في الوقت نفسه ، جاءتنا داخل لغات طنانة من الأرشيفية الوثائقية التي يعوزها المحاكمة و المراجعة في الشكل و المضامين الدراسية الجادة . و في الختام أود ان أشير الى
ملاحظة ما حول عوالم ( محمد الجزائري ) النقدية و
آلياته الفكرية المحفوظة في الذاكرة الثقافية العراقية ..
ان بنائية الوحدة الخطابية في رؤية محمد الجزائري النقدية،
تبدو أحيانا كأنها مجرد قراءات قولية سريعة في الآثار الابداعية ، أي بمعنى ما تبدو من جهة محددة ، كأنها لا تحمل أية إقامات بحثوية ذات صلات دراسية متينة في حقل المدروس النصي ، أي أنها و بمكان ما ، لا تتجاوز فضاءات الأقوال الملفوظية المتأنقة و المبهرة حول الأثر المنقود . و تبعا لهذا فأننا نجدها حصرا ، تشكل فاعلية قولية
في صنيع لغة أعلامية الاقامة النقدية الثابتة ، و ليس حالة من حالات الدراسة القرائية المتغيرة في صنع لغة الفعل و البناء النقدي للنص المدروس . ان نقدية محمد الجزائري تبدو لنا أحيانا في القراءة النقدية بشكل عام ، كأنها أصوات ملفوظية تسعى نحو مخاطبة النصوص من جهة فوقية تتعدى حدود القراءة التكوينية ، و حدود تماسك لغة ضمير المعرف و التعريف و البرهان في الخطاب النقدي .. بل أنها و في كل ما قرأناه في دراسة ( أسئلة الرواية ) لا تتجاوز حكمية الأمثال و الأمثولة و إجرائية الامتاع النقدية و هي تتركز في ملاعبات المصطلح و الاصطلاحية التصويرية . و هكذا الأمر بات في
حكمية ( أسئلة الرواية ) محض ضرب من ضروب
( الأنا الثقافية ) المنصبة في قراءات المعنى الظاهر من تجارب روائية الاطروحة النقدية اللاعليمة في دراسة الاتجاهات التطبيقية الكاشفة عن قوة دلالة موضوعية الرؤية و الرؤيا في مكونات فن الرواية .
حيدر عبد الرضا
التعليقات