هل تحاول امريكا ان تصادر انتصار الشعب على داعش كما في انتفاضة 1991 ؟
الكثير يعلم ان الدكتاتور صدام كان صناعة امريكية وإنها استفادت منه كثيرا في تنفيذ مخططاتها التي حافظت بها على مصالحها في المنطقة لاسيما بعد انتصار ثورة ايران وسقوط امبراطورية الشاه وقد لعب صدام دوراً كبيراً في خدمة المصالح الامريكية بدخوله الحرب مع ايران نيابة عنها وعن حلفاءها ومنهم بعض دول الخليج وعلى رئسهم العربية السعودية ،
وكان مقابل خدمات صدام لتلك المصالح هو غض المجتمع الدولي النظر عن كل جرائمه ضد شعب العراق وخاصة الاكثرية الشيعية والأكراد وهنا حين نذكر هذين المكونين لا يعني ان جرائمه قد اقتصرت عليهما ولكن هذين المكونين كانا الاكثر تأثرا والأشد الما وهما من واجه جرائم صدام بشكل مستمر وقد دفعا من ابناءهما مئات الالاف شهداء جراء الرفض المستمر لحُكمه والمواجه الدموية لطغيانه وكانت هناك العديد من المجازر التي ارتكبهما صدام ضد ابناء الشعب منها الابادة الجماعية لمدينة حلبجة 1988 والإبادة للكثير من ابناء الدجيل 1982، وبعد ان فشل صدام في اتمام اجندة امريكا ضد ايران رغم كل الامكانات المادية والعسكرية والإعلامية والسياسية وتنامي الرفض الشعبي لحزب البعث بقيادة الدكتاتور صدام والذي زاد عن ال85 % ايقنت امريكا وحلفاءها ان الترسانة الكبيرة التي اصبحت لدى العراق خطرة جداً فيما لو تم اسقاط صدام من قبل الشعب ووصول الاكثرية للحكم ، فكان سيناريو المشاكل التي افتعلت بين الكويت والعراق دفع امريكا الكويت لسحب النفط العراقي من الحقول القريبة من الحدود المشتركة وفي نفس الوقت ارسلت امريكا ايحاءات من خلال سفيرتها في العراق انذاك بأنها لن تعارض دخول صدام الى الكويت فكان لها ما ارادت حيث الفرصة لتدمير الترسانة العسكرية والقضاء على عميل لم يعد مناسبا لمصالحها خاصة مع الغرور المتنامي لديه وشكلت امريكا تحالفا دوليا بحجة تحرير الكويت والذي اشتركت فيه العديد من الجيوش العربية وعلى رأسها الجيش المصري والجيش السوري والسعودي ودُمر الجيش العراقي بمجزرة كبيرة طالت المعدات من كل الصنوف وعشرات الالاف من الجنود الابرياء الذين ذهبوا ضحية غرور صدام وتقاطع المصالح الدولية هذا بالإضافة الى البنية التحتية التي هي الاخرى طالها الدمار.
ان ما لم يكن في حسبان امريكا هو ان ينتفض الشعب ضد الطاغية صدام الذي اورد العراق موارد الهلاك والدمار فثار الشيعة والأكراد عام 1991 وسيطر الشعب على خمسة عشر محافظة ثلاثة كردية والباقي شيعية وهنا كان التحول في الاجندة الامريكية وحلفاءها من اسقاط صدام الى الابقاء عليه لإخماد الانتفاضة وقد لعبت السعودية دورا كبيرا في ذلك وسُمح لصدام باستخدام القوة المفرطة في ابادة الشعب مستخدما الطائرات العمودية والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والدبابات التي كانت لدى فرق الحرس الجمهوري والحرس الخاص التي لم تدخل معركة عاصفة الصحراء وقد اباد الطاغية مئات الالاف من العراقيين خاصة الشيعة بين من قتل من جراء القصف وبين من دفن حيا في مقابر جماعية ، وقد كان لأمريكا ما ارادت وهو القضاء على الانتفاضة والتي كان فيها الشيعة المتضرر الاول لان الاكراد قد خرجوا من سيطرة الدولة وانشأ لهم ملاذ امن بقيادة امريكا .
وقد فرضت امريكا على العراق حصارا اقتصادياً استمر حتى عام 2003 كان المتضرر الوحيد هو الشعب لان صدام وحزبه وقياداته القمعية وأدواته الاجرامية وعشيرته وكل من ناصره لم يكن الحصار مؤثرا عليهم يوما بل على العكس كان محل نعيم وثراء وتسلط وان من دفع ثمن الحصار هي المحافظات المنتفضة .
واستمرت الانتفاضة ضد صدام حيث انتقل الكثير من المجاهدين الى الأهوار واستمرت العمليات العسكرية ضد صدام مما زاد من ضعف نظامه وقد وصلت الكثير من العمليات الى العاصمة بغداد وكان مما هو بارز محاولة قتل نجل الطاغية عدي .
عندما ايقنت امريكا ان صدام ساقط لا محال وان المسالة مسالة وقت شكلت تحالفا دوليا جديدا لإسقاط صدام وتنفيذ المشروع المؤجل منذ 1991 فكان دخولها الى العراق عام 2003 وبانت وكأنها هي من اسقط صدام بحجة اسلحة الدمار الشامل وإحلال الديمقراطية وفي الحقيقة ان امريكا هي من ساعد صدام على البقاء لأكثر من عشر سنوات حين ساعدته على ابادة الشعب العراقي ، وإنها حاولت مصادرة انتفاضة الشعب في 1991 وجهاد الشعب طيلة الفترة التي سبقت هذه الانتفاضة المباركة وما اعقبها من جهاد مرير في الاهوار وكذلك الانتفاضة الثانية عام 1999 حيث خرج الالاف منادين بسقوط الطاغية وسقط منهم عشرات الشهداء اثر مواجهة الاجهزة القمعية لصدام ، ان من اسقط صدام هو الشعب وليس امريكا .
وبعد دخول امريكا وحلفاءها وإعلان العراق دولة محتلة ممنين النفس بالبقاء لزمن بعيد لكن ما واجهته امريكا من مقاومة عسكرية وسياسة اجبرها على اعادة السيادة للعراق وتوقيع معاهدة معه عرفت (بمعاهدة الاطار الإستراتيجي) ومن ثمة الخروج من العراق بعد تكبدها خسائر جسيمة بالأرواح والمعدات .
امريكا اليوم تعاود الكرة بحلف جديد ظاهرهُ نصرة العراق وقتال داعش ، داعش هذا التنظيم الارهابي اللقيط والذي هو صناعة امريكة -بريطانية - صهيونية والذي يعرف بمشروع عش الدبابير كان الغاية منه الاستفادة من هذا التنظيم لخدمة مصالح هذه الدول بالمنطقة .
العراق اُستخدم ومنذ 1980 ساحةً مباشرة لخدمة المصالح الامريكية وحلفاءها بدأت بإيران من خلال صدام لإجهاض النظام الاسلامي فيها ولما فشل عادت امريكا وحلفاءها للتدخل في العراق للحيلولة من قيام نظام اسلامي في العراق وبعد ان فشلت الى حد كبير لأنها لم تستطع ان تجعل العراق قاعدة دائمة لجيشها مشابهة لقاعدتها في اليابان عملت وبكل قوة لمنع الاستقرار بالعراق خاصة بعد خروجها وكانت ادواتها كثيرة منها الداخلية وما عملته من خلال عملائها في كل مفاصل الدولة وخارجها من العمل على تأجيج الفتنة الطائفية ،والخارجية وهي استخدام ادواتها في المنطقة لإدامة الفتنة وعلى رأسهم السعودية وقطر حيث كانوا الممولين والداعمين لأدوات الفتنة وكان اخرها بعد فشل مسمى القاعدة من تنفيذ اجندتها التخريبية في العراق استخدمت ورقة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المعروف بمقتصر (داعش) وهذا التنظيم الوحشي الذي لا يمت للإسلام ومذاهبه بأي صلة هدفه احداث الفوضى في العراق وسوريا و لخلق غطاء شرعي من الناحية الدولية للتدخل في العراق و سوريا وعزل ايران من ان يكون لها دور في المنطقة وهذا هو ما حاول الاعلام الغربي ان يظهره ولكن الحقيقة هي ان ايران هي من رفض ان يشارك امريكا في حلفها وهذا ما اكده المرشد الاعلى في ايران بعد مؤتمر باريس.
داعش احتل الموصل في 10/6/2014 بعد ان حصلت خيانة في الجيش وخيانة في السلطة المحلية هناك وانخداع الكثير من ابناء الموصل في هذا التنظيم متأثرين بالشحن الطائفي الذي استمر لأكثر من عقد من السنين بالإضافة الى البعثيين وما كانوا يمنون النفس فيه من عودة سلطانهم والانفصاليين اللذين يطمحون الى ان تدهور الاوضاع في العراق سوف يفسح لهم المجال لتحقيق حلمهم كل هذه الاجندات كان ممكن ان تتحقق لولا حصول ما لم يكن بحسبان امريكا وأدواتها وهو ما قام به اية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله من اعلان الجهاد الكفائي وهب ابناء العراق الشيعة ملبين نداء الواجب الشرعي والوطني وصدوا الهجمة وأوقفوها ومن ثم بدأت مسيرة التحرير وحررت بوقت قياسي من الناحية العسكرية مناطق واسعة من ديالى وصلاح الدين وكذلك الرمادي وقد سجل ابناء الحشد الشعبي وابطال القوات المسلحة ملاحم سوف يخلدها التاريخ كما ان ابناء بعض عشائر ابناء العراق من اهل السنة قد كانت لهم مواقف بطولية بالدفاع عن الارض والعرض سوف تكتب لهم بسطور من العز والفخر هذا الامر الذي لم يكن محبباً لأمريكا والتي وقفت متفرجة على الوضع منذ 10/6/2014 ولم تقدم على اي رد فعل ايجابي لمساعدة العراق رغم طلب الحكومة العراقية ولم تلبي للعراق متطلبات التسليح وخاصة في مجال الطيران ولولا اقدام الحكومة العراقية بإبرام عقود تسليح مع روسيا وسرعة توريد هذه الاسلحة والذخيرة بسرعة كبيرة لكان وضع الجيش العراقي صعبا واهم هذه الاسلحة هي الطيران سواء المقاتلات او المروحيات .
ان حلف امريكا الجديد لا يختلف عما سبقه من تحالفات ظاهره فيه المساعدة للعراق وباطنه فيه مصالح امريكا وحلفاءها سواء في سوريا او على مستوى المنطقة المحيطة وخاصة ايران .
ان ما نحتاجه من هذا التحالف ان كان جادا في ما اعلن من اهداف انشاءه هو تزويد العراق بالأسلحة وخاصة ما تم التعاقد عليه مع امريكا من الطائرات ولا يحتاج الى تواجد اي جندي اجنبي بأي شبر من ارض العراق وما يجري من قصف لمواقع داعش يجب ان يكون بتنسيق مع الحكومة الاتحادية وان لا يتم قصف اي موقع بدون علم الحكومة .
ما اثبتته العمليات العسكرية للجيش العراقي وأبناء الحشد الشعبي ان الحاق الهزيمة بالتنظيمات الارهابية وعلى رأسها داعش ليس بالأمر المستحيل ولا يحتاج الى الوقت الذي خمنته الادارة الامريكية ، يجب ان لا تُعطى امريكا الفرصة مرة اخرى لمصادرة انتصار ابناء العراق وتَنسبه لها ولحلفائها كما فعلت في عام 2003 حيث بينت نفسها وكأنها هي من انقذ العراق واسقط صدام وليس الشعب وجهاده وتضحياته لعقود طويلة كان قمتها انتفاضة 1991 .
21/9/2014
حفظ الله العراق واهله من كل سوء
حميد قاسم الموسوي
التعليقات