نحنُ نُسرَقُ كلَّ يوم!
نستيقظُ كلّ يوم على جملةٍ من النشاطات التي تستوقفنا كلّ دقيقة. إلتزاماتٌ ومهام نقومُ بها مرحّبين تارة، ومُرغمين عليها تارة أخرى. أنّه إستنزافُ يومي لطاقاتنا وكامرٍ حتميّ، لا محالة منه. الفرقُ يكمنُ في سؤال بسيط جدا: من تختار، وفي أي مكانٍ لان تُصرَف فيه طاقتك؟
سواء في مسالة مُفرحة امْ مقلقة. انت من يختار لهذه الطاقة ان تُصرفْ، وانت من يحددّ كمّها. للاسف، نحن نفكر كثيرا في محددات الأمور، وننسى خلْق القيمة لها. افكارنا تخرجُ من أذهاننا، وتاخذ مسيرتها العلميّة متخذةً شكل الموجات او الذبذبات، لتصل الى هدفها الذي نحدده نحن.
اثناء قراءتي لأقوال المشاهير، ومقالات للدكتور لاري ايفرسون - Larry Iverson المدير الناجح جداً لمعهــــد التطوير حـــــول اســـــرار النجاح، وكتــــاب الآن استطيـــع ان أرى بوضـــوح "I Can See clearly Now" لـوين داير - Wayne Dyer، أحد اشهر الكتّاب وصاحب أكبر مبيعات لكتب تطوير النفس، ومشاهدات اخرى عبر اليوتيوب والتي تتناول طاقاتنا الفكرية وكيف انها "كونيّة" وتتجه الى الهدف الذي نحدده سواء اكان الأمر متعلق بمشروع ما ام اشخاص معيّنين، ادركتُ تماماً بأني كنت أُسرق، وبملئ ارادتي.
اثناء تفكيرنا بأشخاصٍ معينين لفترات طويلة، فنحنُ وحسب الحقائق العلميّة، نقوم بإرسال افكارنا لهم، بهيئة طاقة ولصالحهم. بمعنى اخر، المفهوم العلمي للإهتمام. انّه استنزاف حقيقيّ لأفكارنا وطاقاتنا. تصل هذه الموجات لهم وكخزين للطاقة، يُشعرهم بالسعادة والحيويّة. حين ادركتُ هذه الحقيقة، علمتُ كيف اننا وحين نفكر بأشخاص يحبونا ويرعونا كأهالينا، تكتملُ سعادتنا بالمقابل، لأنهم يبادلونا الإهتمام ويفكرون بنا دوماً. انها دائرة متكاملة من الإهتمام المتواصل، اي علميا، نرسل لهم موجاتنا ونستلم بمقابلها موجاتهم، وبعض الأحيان اكثرُ مما نتصوّر. والأمر عكسياً تماما للأشخاص الذين يكرهوننا وسبق وان آذونا. هؤلاء يستحوذون على اهمامانا (اي طاقاتنا) ويسرقوها منّا بملئ إرادتنا. تذهب طاقاتنا لهم ولتملأ خزينتهم الفكريّة، تاركين رؤوسنا خاوية، وابداننا مُتعبة من إجهاد التفكير بهم وطرق تجنبّهم او الانتقام منهم. الحقيقة انّهم لا يفكرون بنا، ولن يفيدونا بشئ ابداً. وتفكيرنا بهم يزيدُ من حجمهم، وقدرتهم ايضاً. قد يبدو الأمر غريباً. ولكني شخصياً، أدركتُ ان الافراد الذّين كانوا يؤثرون بي سلبياً، هم من صنع تفكيري بهم. وحين اهملتُ تفكيري بهم، ضمروا، واصبحوا ضعفاء.
يقول الدكتور ايفرسون في مقالة نشرت له في 2010 تحت باب نصائح النجاح، "باننّا لابد وان نعقد صفقة مع انفسنا، وان نوظّف طاقاتنا ونتجاوز محدّداتنا". مثل هذه المحددات ومن المؤكّد، تعني خوفنا من الذين يضمرون لنا العداء، والقلق، ومخاوفنا بأن نخطو الخطوة الأخرى. واعجبني شرحه لبعض المفردات التي ننعتُ بها انفسنا، والتي من شأنها تقليل شأننا امام انفسنا وامام الآخرين، وكيف ان هذه المفرددات هي اخطر انواع المحددّات التي تهدرُ طاقاتنا وتعرقل مسيرة نجاحنا. فحين نقول: لا املك القدرة، تتحول مفرداتنا الى فعْل، وطاقة سلبيّة لتنطلق وتسخّر بالتالي مفردات الحياة من حولنا، لتحول دون قدرتنا على الإنجاز ونصبح مع مرور الوقت ومع ترديدنا لهذه المفردة، لا قدرة لنا على الإطلاق.
وتُجدر الإشارة الى تطبيقات الطاقات الفكريّة في عام 2007، حيث شرَعت شركة سيلكون فالي - نيروسكي باطلاق جهازاً يوظف استخدام الطاقات الفكريّة في تشغيل العابٍ معيّنة، تُدار وتعمل على توجيه الأفكار لها. وكُتب في افتتاحية المقال: "يجب ان نكون مدركين لأفكارنا - انها موجات كونيّة قويّة في عالم الطاقة الذي نعيش فيه. والأفكار هي أكثر اشكال الطاقة فعاليّةً لانها موجات كونيّة تخترق الزمان والمكان".
الأمر سيّان حين نفكر بمشروع ما، امرٍ ما، او قضية معيّنة نريد لها النجاح. حين نتكلّم عنها ونحدّث بها الآخرين، فنحن في الحقيقة نهدرُ طاقتها ومكنونها اللذان قمنا نحن على تغذيتهما. طاقة الفكرة هي من صنعنا نحن. وبعد حديثنا عن مشاريعنا وامورنا التي نزعمُ القيام بها، تفرغُ قضايانا من طاقتها، فيصعبُ عليها أن تُنجَز.. والأمر اشبه بالكرة التي نفرغها من الهواء، فيصعبُ عليها الإنطلاق الى الهدف المنشود.. وهنا يستوقفنا الحديث الشريف "واقضوا حوائجكم بالكتمان".. ونصائح اخرى تُقال لنا بشكلٍ عفوي وفطريّ، دون ان ندرك اسبابها وتعليلاتها. ما نطمحُ اليه وعلاقاتنا مع الناسُ من حولنا وأمانينا وخططنا ومشاريعنا، كلّ ذلك هو نتاج افكارنا. و ما يفكّر به الإنسان.. يُصبح عليه، ومن الله التوفيق...
دنيا فاضل فيضي
التعليقات
|
رائع ماكتبت أحييك أستاذة دنيا |
|
الاسم: |
Dina Fadhil Ali |
التاريخ: |
2016-06-19 07:34:18 |
|
جزيل الشكر للتعليق وسعيدة جدا لنيل الموضوع استحسانك مع خالص تقديري. |
|
الاسم: |
ناصر قوطي |
التاريخ: |
2016-06-18 18:27:20 |
|
السيدة القديرة دنيا فاضل..ينطبق كلامك على الابداع بكل مجالالته التشكيل.. القصة.. الشعر..الخلوة مع الذات والبوح لها هي التي تصنع نصا مؤثرا لأنها أقرب الى الهمس للروح.وفي نهاية المطاف.. التفرد..تفرد النص..سواء كان موسيقيا..تشكيليا..شعريا..الخ..من غير الممكن ان يتواصل مع الاجيال المتعاقبة ان لم يخرج من ((مصفاة الروح))على حد تعبير ادغار آلان بو..وشكرا لالتفاتتك على هذا الموضوع الحساس. |
|