منْ يغلقُ النافذة..؟.. قصة قصيرة
في تلك الليلةِ، لمّا انتهت معركتنا ُالصغيرة، دخلوا!
قبضَ الصّمتُ على مخيمِنا، فأصغينا لدوىِّ أنفاسِنا، ولهمسِ الرّيح!
ترقبنا أن يأتيَّ نافذةِ غرفتِنا اللهُ لا رشاشُ العُوزى؟
هيّجَ الخوفُ كلبا، فاستعر النباح، تمنينا انطفاء القمر، لكنّ القمر ظلّ باهتا بليدا، يرسل ضوءا كافيا أن يكشفنا
أُسكت الكلبُ بطلقةٍ خافتة، ونحن صرنا تحت النافذة الوحيدين على وجه الأرض، لوحدنا غصنا في بئر صمتٍ مع أنفاسنا اللاهثة!
دفع اليهودُ الأبوابَ فسمعنا التوسلَ، ثمّ الّرّصاصَ المكتوم، وصراخَ الساقطين قبل أن يهووا خلفنا تحت الجدار!
فجأةً باب دارنا طار، فقفزنا في بطنِ ِالغرفةِ، حملقنا طويلا، ثم عدنا للحياة... إنّ الذي دَهمنا كان على قوائمَ مرتجّة، يهزّ رأسا ثقيلةً مترنحة،
يدُ أمي قامت، فتوقف الحمار، لم يدخلْ الغرفة، ظلّ فقط يرسلُ عينين راجيتين!
جارَنا المجنونُ مزّق الصّمت:
يا ناسُ، اليهودُ لا يقتلونَ أبو جواز سفر انجليزي..
أمي لطمتْ وهى تهمس:
- من أين لنا جواز سفر إنجليزي؟
بعدها جرّوا رجلا انتابتهُ هلوسةٌ
أين أضع الإبريق يا خواجا ؟:
وسمعنا الصّليةَ ثمَّ الصّرخة
عاد المجنونُ:
.. أبو جواز سفر إنجليزي ...
كنا نرتعدُ، ورؤوسُنا مطأطئة تحت نافذتِنا المشرعةِ، من يجرؤُ على الارتفاعِ لإقفالِ النافذة؟
توسلنا لعينيّ الحمارِ، فلم يمارسْ حَقَه في النهيق، أخي الرضيعُ أيضا فهمَ، فلم يبكِ، وانتظرنا اللهَ لمطلع الفجرِ متلاصقينَ!
مع أوّلِ خيطٍ للفجرِ عاد المجنون:
- يا ناس تعالوا... هذا فلان مقتول
وهذا فلان......
رأسُ أمي تحركَ، وبدأنا معها بتسلّق النافذة الواطئة!.
كان الرجالُ كوماتٍ!
ورأيتُ صديقي يتنططُ على ساقٍ واحدة،
الأخرى كانت بعيدة .. على الأرض!
وصل صديقي أباهُ، وزحف عليه.
ولمحتْ عيناي امرأةً، تهمد على عيني رجلٍ شاخصتين، هاجت المرأة بين نسوةٍ يولولن، وهنَّ يقلّبنَ الجثثَ!
يومها أطبق الصراخ!
يومها انطفأ آخرُ لون، وأخر مخلوق غادر وجه الأرض، وفي البحر القريب توقف الموج!
يومها احتضن الغولُ الكون، والشّمسُ ماتت، وبدأَ يأكلني العذاب!
من مجموعة: العودة إلى مجدل عسقلان.. للكاتب
عمر حمّش
التعليقات