ثورة 25 يناير: عندما يكون الشعار محشوا بالرداءة
في ثورة 25 يناير برز فجأة شعار مدروس بعناية، وهو: [الشعب يريد إسقاط النظام]. خطورة هكذا شعار تكمن في اخفاء الطريق المرسوم والواقعي لثورة يناير وهو تقويض دولة العسكر - بمؤسساتها الفاسده - واستبدال دولة إسلام سياسي بها. لم يكن هدف ثورة يناير، وعلى خلاف الرائج، الاطاحة فقط بحكم مبارك، فهو مجرد امتداد لدولة العسكر والتى تحكم مصر منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، مبارك لم يكن مبتدعا وانما سار على خطى أسلافه.
[الشعب يريد إسقاط النظام]، شعار مدروس - حقا - بعناية فائقة، فالشعب بائس ولا قبل له بشعارات تنويرية، وقيادات الإسلام السياسي وفي طليعتها قيادات الاخوان لا يعنيهم في قليل أو كثير تنوير القطيع المصري البائس، أضف إلى ذلك حرص الغربيين على اخفاء دورهم القوي والحاسم في التمكين لدولة العسكر، وفي عدم ممانعة الصعود الراهن للاسلام السياسي.
النتيجة كارثية بطبيعة الحال، فشعار الثورة هو راية تتحرك الجموع تحتها وتهتدي بها، وهو ما حصل بالفعل، فقد استبسلت الجموع الهادرة في رفضها لحكم حسنى مبارك، ووقع في ظنها أن وقوفه في قفص حديدي هو نهاية المطاف، وهي قناعة ربما عملت قيادات جماعة الاخوان المسلمين بانتهازية وقصر نظر على تعميقها، مُستعينة في ذلك بعبارة الراحل متولي الشعراوي [الثائر الحق هو من يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد] في مواجهة القوى الثورية غير الاسلامية، وهو ما منح الدولة العميقة ملاذا آمنا وفرصة لالتقاط الأنفاس، لمعاودة لملمة الصفوف وترتيب الأوراق، ومن هنا كان طبيعيا أن تنجح الثورة المضادة في 30 يونيو.
والآن، وقد وجد الاسلام السياسي نفسه وقد أطيح به على نحو مهين وجرت اعتقالات واسعة لرموزه وأنصاره، بل وقُتل الكثير منهم في مواقع عديدة، لعل ابرزها وربما سيكون أكثرها تأثيرا على مجريات الأمور في بلادنا ما حدث في "رابعة العدوية"، حيث اُريقت الدماء بغزارة!
الآن، والآن فقط برز الشعار الأكثر تنويرية وجدية وهو: [يسقط حكم العسكر]. المشكلة أن تكلفة تأخر بروز هذا الشعار باهظة، ولا أدري أي ضمير يتحمل كل هذا التدمير وتلك الدماء الذكية. نحن نحتاج لجهد نقدي حقيقي، ليس يكفى وحده كل هذا التحريض والاستفزاز.برزها أبرزها وربما أكثرها تأثيرا
د.حازم خيري
التعليقات