من السلوك الثوري إلى التفكير الثوري
في تصريح صحفي قرأته مؤخرا لمؤسس حركة شباب 6 أبريل المصرية، أبدى أحمد ماهر قلقه الشديد إزاء تنامي مناخ الخوف في مصر، على خلفية الانقلاب العسكري في 30 يونيو، وانصراف الكثير من الشباب عن العمل الثوري. وأكد حتمية البدء من الصفر تقريبا! كلام مهم جدا، ليس فقط في كشفه لاحتمال اندلاع موجات ثورية أخرى في بلادنا، وانما أيضا لاقرار صاحبه، وهو قيادة ثورية بارزة، بأن ما شهدته بلادنا في 25 يناير محض سلوك ثوري، انتهى بمجرد انتهاء التحريض الثورى، وارتداد أصحابه إلى مسارهم المُعتاد في الحياة. من هنا، يبرز الفرق بين السلوك الثورى والتفكير الثوري. السلوك الثوري مشروط بتوافر الأجواء الثورية والمحرضات الثورية..الخ، على خلاف التفكير الثوري الذى يعنى تجذر السلوك الثوري واستدامته، استنادا للتوليد الثورى الذاتي، في داخل عقل وقلب صاحب السلوك الثوري. غياب التفكير الثوري عن مجتمعاتنا أمر طبيعى، ربما لتعارضه مع طبيعة التفكير الفقهي الذى يسمح تحت الحاح الضرورورة العملية بالسلوك الثوري، وإن كان لا يستريح له كثيرا، ويعمل على انهائه في أسرع مدى ممكن. وهو ما يفسر لنا ذيوع عبارة الشيخ الشعراوي: [الثائر الحق هو من يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد] مجتمعاتنا لا غناء لها عن السماح بالتفكير الفلسفى ومعاهده المتخصصة، فمبقتضى هذا التفكير يصبح التمرد والجرأة في مواجهة الحياة سلوكا مُستداما وليس قاصرا على أوقات التحريض الثوري. وباستدامة السلوك الثوري يصير الانسان "فضيلة ومعرفة" تمشي على قدمين، أولئك هم الفلاسفة، أو الصفوة الفاضلة والتى لا غنى للمجتمعات عنها، فلنسمح بوجودها ولو على غير ما نُحب. المخاطرة والألم سلاح مجتمعاتنا لاقتحام الأفق المسدود..
د.حازم خيري
التعليقات