وهو عدوّ الدعاة والمصلحين فللأرض جاذبية ليست كلها نافعة..
وللقاعد نصف أجر القائم في النوافل..
وهو حرام على القادر في الفرائض بل مبطل لعمله..
وهو مستغرب مستهجن في ميادين التحدي.. حيث قال الصحابي أنس بن النضر ـ رضي الله عنه ـ لمجموعة من الصحابة القاعدين الذين ألقوا السلاح في "أحد" والذين جعلوا أيديهم خلف ظهورهم: ما أقعدكم؟، قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كان قتل فقوموا وموتوا على ما مات عليه، وتبين لهم بعد أن قاموا وتركوا القعود أنّه لم يُقتل وما لبثوا أن فتحوا مكة بعد خمس سنين فقط.
وهكذا كتاب الله ينطق بيننا بآياتٍ بيناتٍ، فالله تعالى قال لرسوله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ} (المدثر:1)، وقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (المزمّل:1)، وقال: {َحافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}(البقرة:238)، واستنكر على الذين لا يقومون مسرعين لنجدة إخوانهم:{ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} (النساء:75)، وقال:{ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} (التوبة:38).
هذا هو القعود في كتاب الله، وقد حرّمه وشنّع على فاعليه، فهل يقعد عاقل؟ وهل يقعد صادق؟ وهل يقعد مؤمن؟ وهل يتراخى مؤمن؟
لن يكون علاج المحن والفتن والبغي، إلا بالعمل الجادّ المتواصل، مهما بلغت التضحيات، بل كلما كثر المضحون بأنفسهم وأموالهم ومكتسباتهم، كلّما كان القيام أوجب لسدّ الثغرة الكبرى التي كانوا عليها.
القعود مرضٌ قاتل ومعدٍ لمن يجالسه ويقترب منه، والقيام على أطراف الأنامل والسعي الجادّ يحيي الموات ويحفّز الهمم ويحقق موعود الله،
لذا {فقوموا لله قانتين}، فقد بدأتم سلوك طريق الدعوات بحق، وكلّ ما سبق خلال الثمانين عاماً فهو إعداد فمشروعكم عظيم لا مكان فيه للقاعدين والمترددين والذين يعبدون الله على حرف، فهل من مشمّر؟.