بمناسبة الذكرى 128 لعيد الصحافة الموصلية..
مركز النور يعيد نشر مقال الاديب والصحفي الراحل عبدالوهاب النعيمي عن عيد الصحافة الموصلية
مقال الاديب والصحفي الراحل عبدالوهاب النعيمي بمناسبة الذكرى 128 لعيد الصحافة الموصلية
الصحافة الموصلية ..بوابة المبدعين
الصحافة مشروع حيوي يتجدد بين يوم وآخر في مشهد الحياة الثقافية ، ينبض بالحس والحركة خلال ساعات الليل حيث يغط معظم الناس في نوم عميق باستثناء عدد قليل يواكبون بزوغ الفجر الذي يتمخض عن ولادات لافكار جديدة ورؤى وآراء تجيء مسطرة على أعمدة الصحف مع اشراقة كل صباح ، فالجريدة كما يصفها " ادونيس "هي مشروع تتجدد بعطائها يوميا كما لو انها مختبر متواصل ، لا للنظر وحده ، وإنما للممارسة كذلك ، ولا للفكر وحده ، إنما للعمل ايضا ، وهي في هذا كله مختبر للمعرفة والحرية والاخلاق ، الى جانب كونها البوابة الكبرى للخلق والابداع ..
ولئن اعتادت الاسرة الصحفية في العراق الاحتفال بيوم الصحافة مرة واحدة في كل عام احتفاءا بصدور العدد الاول من جريدة الزوراء في الخامس عشر من شهر حزيران عام 1869 فان الأسرة الصحفية في مدينة الموصل تحتفل مرتين ، الاولى عامة تخص جميع الاسرة الصحفية في عموم مدن العراق ، اما الثانية فهي خاصة بالصحافة الموصلية ، حيث صدر العدد الاول من جريدة ( موصل )في الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1885 ، وكانت الطباعة قد سبقت الصحافة في مدينة الموصل بأكثر من عقدين مما عجل بتنشيط الحركة الفكرية والثقافية في الموصل وشجع الادباء والمترجمين على طبع اعمالهم في مطبعة الآباء الدومينيكان ومن بعدها مطبعة الولاية اللتين تولتا معا طبع واصدار مجموعة طيبة من الكتب الادبية والكتب المترجمة في حقول الرواية والمسرح والشعر الى جانب الكتب التعليمية والتهذيبية التي اشتهر باصدارها عدد من التدريسيين في مدارس الموصل الذين تبنوا مع ادباء المدينة ومثقفيها اصدار جريدة " موصل " ومن ثم تبنت الاجيال التي اعقبتهم اصدار عدد ليس بقليل من الصحف والمجلات الثقافية العامة التي مهدت الساحة المهنية لعدد آخر من ادباء المدينة من تولي اصدار صحف ادبية وسياسية في مطلع القرن العشرين الذي حفل بصدور اكثر من ثمانين جريدة ومجلة سياسية وثقافية ومهنية عامة خلال الحقبة الممتدة ما بين الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1885 والتاسع من نيسان عام 2003 ، حيث شهدت مدينة الموصل في مطلع القرن العشرين المنصرم عناوين متعددة وكثيرة لصحف صدرت في المدينة قبل استقلال العراق وانسلاخه عن الدولة العثمانية مثل جريدة ( زهور ـ النجاح ـ جكه باز ـالجزيرة ـ العهد ـ البلاغ ـ الاخلاص ـ الحق ـ المعرفة ـ المعارف ) اما بعد تشكيل الحكومة الوطنية في العراق في عشرينات القرن المنصرم واطلاق الحريات العامة لحركة التاليف والنشر والصحافة ، فقد اقدم العديد من رجالات الموصل على فكرة اصدار الصحف والمجلات الاسبوعية التي ارست دعائم الاستقلال العراقي ومنع الحكومات المتعاقبة على دست الحكم فيه الى الابتعاد عن توقيع الاتفاقيات التي تمس سيادة العراق وكرامة اهله ومواطنيه ، حيث ظهرت الكثير من الاقلام الجريئة في ثلاثينات واربعينات القرن المنصرم تندد بالاحتلال البريطاني للعراق وتدعوالى سياة كاملة له لا تخضع لقوانين وانظمة المحتل ، وتدعو نواب البرلمان ان ياخذوا دورهم في الدفاع عن حقوق الشعب العراقي وتمكينه من حكم نفسه بنفسه بعيدا عن الوصاية او الانتداب ، وقد شهدت مدينة الموصل اعنف و اشدالحملات الاعلامية المضادة لحكومات العهد الملكي في اعقاب انتهاء الحرب العالمية الكونية الثانية ، وتحديدا في خمسينات القرن الماضي ، مما كان له كبير الاثر على التعجيل بقيام ثورة الرابع عشر من تموز العسكرية عام 1958وكانت قد ظهرت على الساحة الاعلامية في تلك المرحلة بمدينة الموصل صحافة الاحزاب وصحافة الشخصيات السياسية والفكرية ، من بينها جرائد ( الرقيب والمساء والبرهان وصوت الامة والنضال والهلال وصدى الاحرار والمستقبل والابتكار والرافدين والقافلة واخبار الاسبوع والجداول والفجر والروافد وفتى العراق وفتى العرب واللواء والمثال والراية والهدف ونصير الحق والكشكول والهدى وصدى الاشتراكية والاساس والعاصفة وصوت الاديب والاديب والانشاء والشعلة والوميض ووحي القلم والفنار والثقافة وصوت الامة والواقع والرائد ) وغيرها من الصحف والمجلات الرصينة والجادة والهادفة التي تبنت قضية الانسان وعكست طموحاته وآماله في الحياة الحرة الكريمة .
مدينة الموصل كما يشير المؤرخ الدكتور ابراهيم خليل العلاف من جامعة الموصل قدمت اجيالامتعاقبة من الصحفيين الرواد ليس على نطاق المدينة وحسب وانما على نطاق العراق باجمعه،كما عرفت تعددا في انماط الصحافة واتجاهاتها ،فكانت هناك صحافة تعبر عن آراء التيارات الدينية والقومية والاشتراكية والليبرالية ، وحري بنا ان نذكر جهود الصحفين الموصليين الرواد الذين تركوا لنا هذا الموروث الصحفي الثر في عطاءاتهم المتعاقبة عبر اكثر من مائة واربعين عاما مضى .
فيما يشير في هذا الرحاب الزميل الصحفي المخضرم الاستاذ احمد سامي الجلبي رئيس تحرير جريدة فتى العراق الموصلية الاسبوعية في مقدمته لكتاب الدليل المرشد للجرائد الموصلية : ان الصحافة الموصلية على الرغم من ريادتها الا انها لم تاخذ قدرها في مجالات البحث والتوثيق بالشكل الذي يعطي لجيل اليوم حقيقة الدور الريادي الذي لعبته هذه الصحافة ، حيث بقي جيل اليوم من الاسرة الصحفية المنتشرة على ساحة العراق الاعلامية يجهل الكثير عن خصائص تلك الصحافة وتاريخها ، وما قد يعرفه من معلومة في هذا الشأن ان هي الا النزر اليسير التي اوردها الباحثون ممن كتبوا عن الصحافة الموصلية ، وهذه الاشارات البحثية باعتقادي لم تكن كافية لتقديم الصورة الحقيقية والصادقة لصحافة الموصل لأنها أوسع من جميع الكتابات والبحوث التي أعدت أو التي سيصار إلى إعدادها مستقبلا .
ونحن نحتفل بعيد الصحافة العراقية هذا العام لا يفوتنا ان نرسم على وميض الذاكرة صور ا مشرقة لزملاء مهنة من الصحفيين الراحلين سواء كانوا من جيل الرواد الذين أرسو دعائم العمل الصحفي وثوابت المهنة بما يشرف المقام او من جيل الشباب الذين انطلقوا مسرعين لتطوير مهنة الصحافة العراقية بما يليق وتاريخها العريق الممتد لقرابة القرن ونصف القرن ، وكانوا بحق فرسانا نبلاء في ايفائهم لشرف الكلمة ونبض الحرف ورفيف القلم قبل ان يترجلوا عن صهوة المهنة التي قدموا انفسهم قرابين لقدسيتها وعظمة شأنها في التكوين الحضاري لمفردات بناء الإنسان
الراحل عبدالوهاب النعيمي
التعليقات
|
الراحل النعيمي كان ضمن هيئة تحرير مجلة(صوت الاخر) التي انطلقت في اربيل باللغة العربية.. هو صاحب رؤية واقعية وانسان مهذب قلما تجتمع صفات الطيبة في شخص واحد كما اجتمعت فيه.. رجل ملتزم بقيم الرجولة والوفاء وحب الاخرين..وفوق كل ذلك صاحب قلم سيال ومعد تقارير صحفية في غاية الروعة.. من المؤسف انني كنت خارج دائرة المجلة عندما توفاه الله وقد عرفت برحيله بعد وقت ليس بالقصير.. خسرنا قلما وفكرا موصليين .. عزائي ان ابناءه وبناته يسيرون على خطاه.. طيب الله ثراه |
|
|
كم احببت هذا الرجل المتواضع الجميل والمثقف والمناضل...تحياتي لعائلته وانجاله... |
|
|
شكرا للصحفية المبدعة سفانة الطائي ..وهذه الكلمة الطيبة دليل على انكم امتداد اصيل لجيل كبير معطاء اسس وانتم تكملون المسيرة الرائدة تحياتي |
|
|
المبدعة والشاعرة المتالقة رفيف الفارس تحية لك كلماتكم هي عزاؤنا في فقد هذا الرجل الكبير المعطاء لقد كان عبدالوهاب النعيمي حتى وفاته يجتهد في العمل الصحفي والادبي ويعمل ضمن مسيرة طويلة امتدت قرابة ال 45 عام ..بدا مشواره عام 1962 حتى 2009 ..ليضع تلك الخطوات الراسخة في عمله الابداعي وترك ارثا ادبيا وصحفيا نفخر به.. وهنا لابد من الذكر ان مركز النور كان احد المؤسسات الثاقفية الرصينة التي عملت على احياء ذكراه في سنويته الاولى ..بوركت جهودكم الثقافية في توثيق سير المبدعين العراقيين |
|
الاسم: |
رفيف الفارس |
التاريخ: |
2013-06-26 00:47:14 |
|
اخي وصديقي الغالي د. زياد النعيمي وانا اقرأ مقال الوالد الراحل اتلمس كم كان لهذا الانسان المحب الطيب من طموحات وافكار تغني الثقافة والصحافةالعراقية وكم كانت خسارتنا به عظيمة ككل مثقفي ومفكري هذا الوطن .
تحياتي اليك وانت الابن البار والصديق الوفي وشكر وامتنان مؤسسة النور لانك لازلت ترفدنا بإرث الوالد الغني .
دمت ودامت روحك المعطاء
احترامي وتقديري
|
|
|
الراحل عبدالوهاب النعيمي تبقى عمود من اعمدة الصحافة الموصلية الراسخة ... اسكنك الله فسيح جناته |
|