عـاشــق بغـــداد
بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية واني لأخشى ان اغازلها , فهي كبيرة والبوح في حضرة الكبير محظور , وان فاض بي العشق فتبعتها اخشى من المسير ان يطول , فتهرم .. واهرم .. ويبان في اجسادنا الذبول , وان اكتفيت بالنظر لها قتلني صمتي فالسكوت مذموم ، وان هجرتها ويح نفسي من الشوق والحنين للأصل والجذور , لا اخفيكم هواها يفضحني وشذى عطرها يهزني فتتساقط الكلمات بحسرة المظلوم ولوعة الحرمان , واسمع همسهم عن حبي لها ومحاولتهم اشعال الفتنة , فدسائسهم القديمة هي من حالت بينها وبين الفرح لعقود , فباتت بهذه الصورة الحزينة .
اشتاق التأمل في جمالها فاجلس وحيداً بين جنباتها واسمع لحن نبضها ، ذلك الصوت الدفين .. بانين .. يهز مشاعري لانتفض فأعيد النظر, اليوم هي لا تحتمل الصرخات القوية , فقد اتعبتها الثورات الفاقدة للمبادئ والاهداف وتوالي الفتن على مر السنين , اراها حائرة تبحث في الوجه المتعبة من وجع الايام الطويلة من حصاد تلك السنين , عن نور بصيرة من قلب رحيم او عقل حكيم لينهض بها وبأبنائها من جديد .
بغداد صفحة بيضاء بلون كفنها المقدس من قماط النبوة الطاهرة حين الولادة , صافية بلون سمائها .. بإشراقة شمسها .. تلألأ نجومها .. مكارم اخلاقها .. الحضارة والتاريخ , جمالها الاسطوري يشدني وحكايات الف ليلة وليلة تطربني وتزيدني شوقاً لتلك الليالي فأتمنى ان اضيف لها ملاحما جديدة في سفرها الخالد , انا العاشق والشعراء المتيمين واصحاب الحناجر واعذب الالحان نتغنى بعروس الحرية بأعذب الالحان , ونرسم بغدادنا على لوحة كبيرة تحتويها لوحات اكبر حتى مد البصر ونجعل في قلبها بغداد بل كلها بغداد .
آهاتك والصراخات الاخيرة يا بغداد شاب لها الرأس واحترق الفؤاد , اعرف ان لك قوة من بعد وهّن , كما عهدك باقية ابيَّة على الضّيم لا تهزك الايادي الملطخة بالدماء لأنها تخشى ان تلامس طهرك يا دار للسلام , لكن اراكِ حائرة من اجل ابناءك والخناجر المسمومة التي تسارع لقطاف احلامهم في براءة نومهم او حين غفلة , فاذرف الدمع من المقل كالمزن انثره بين مأساتك الكبيرة والآهات والالم ، على ارضك وهي تبتلع ابناءك الابرار , على صورك الجميلة التي باتت من ذكريات الماضي , حلمي الذي كبر معي يداعب الصباحات بالغدِ المشرق , اذرف كل ذاك الدمع لمقتله بيد الغزاة ليتركني يتيماً بعد طول انتظار .
بغداد يا وردتي المزدهرة وهبة الله وبستان الرحمة , وما اروع نزار وهو يردد : بغداد.. يا هزجَ الخلاخلِ والحلى , يا مخزنَ الأضواءِ والأطيابِ , لا تظلمي وترَ الرّبابةِ في يدي , فالشّوقُ أكبرُ من يدي ورَبابي , قبلَ اللقاءِ الحلوِ كُنتِ حبيبَتي , وحبيبَتي تَبقينَ بعدَ ذهابي .
عباس ساجت الغزي
التعليقات
|
الاديب المبدع الاستاذ جلال الجاف دام بهاء حضورك ازرق نورياً منيراً في طريق احبتك |
|
|
الفاضل صباح محسن الجاسم ارق التحايا لك صديقي وانت تمشج عطرك الفواح بعطر بغداد
|
|
|
الأديب والإعلامي المثابر عباس ساجت الغزي
تحية لك ولقلقك المشروع على بغداد .. انت ترى من خلالها كل العراق وكل الطيب العراقي. كثرة من حيتان الغزو غصّت ببغداد .. ولو اجتمعت كل خفافيش الظلام فستبقى شمس بغداد ضواعه بالطيب واسعة الابتسام.. لن تغرقها الأنانية .. ولن يثلمها زوال. |
|
الاسم: |
الأزرق / جلال جاف |
التاريخ: |
2013-06-06 19:03:49 |
|
الكاتب الراقي الصديق العزيز
عباس ساجت الغزي
بوح شفيف وستبقى بعداد بهية مشرقة دمت مبدعا متالق اليراع تحياتي وتقديري |
|