الامام علي نهج العدالة والرحمة الانسانية

عليٌ عليه السلام سرّ الانسانية ودرجةٌ رفيعةٌ في منازلِ انوار الملكوت القدسية , لا يتخطاها بشر , ولا تعادلها قيمة من التي تعرفون او تزعمون ! عليٌّ ما هو من الادميين الا بمقاييس ادراك عقول القوم ومقدار ما يسمعون ! , فان اعرّت َنفسك أذان صاغية وقلب بصير وعقل يدرك بمقياس الضمير والوجدان عظمة عليٌ (ع) وهو يقول :" ما جاع فقير ألا بما متُعَّ به غني " لجعلت لمقياسك ميزان الآية الكريمة {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئا ًوَإِن كَان َمِثْقَال َحَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء47.
لقد جعله الله تعالى نموذجاً للعدالة والرحمة الانسانية , ليحارب العبث وسخف تفكير الملوك والامراء والولاة والاثرياء بصيحة مدُوية يبقى صداها يتردد عبرَّ الاثير وبوابات الزمن ,قديمةٌ كالأزل باقيةٌ كالأبد ,في سبيل نصرة الشعوب المظلومة المهانة ويقسم قائلاً :" وأيم الله , لأنصفنَّ المظلوم من ظالمه , ولأقودنَّ الظالم بخزامته حتى أورده منهلَّ الحق وأن كان كارهاً " وذلك لمعرفته حقيقة أهل الارستقراطية التافهين .
شخصية الامام علي (ع) لا تجرحها الزلازلُ ولا يشوبها من البراكين وَهنٌّ ولا تمحى بالموت المحتوم , دموع الليل وانداء الفجر وصباحات الرحمة واعتداد الشمس بلمعان الصارم , حقيقة بيضاء ناصعة ومناراً للمظلومين في الامم , وعليٌّ الحبُ وعشق الحرية والعدل وميزان الانسانية والشجاعة بطعم الشهادة والشوق للجنَّة في سبيل كرامة الانسان وحقوقه ، عليٌّ الحلّم والعطف وهو يوصي اصحابه " لا تقتلوا مدبراً , ولا تصيبوا معوِراً , ولا تجهزوا على جريح , ولا تهيجوا النساء بأذى " , عليٌّ العالم وقاموس نهج البلاغة ذاك البيان شاهدٌ بآيات على مر التاريخ تضرب امثال وتدرس .
وقد وصفه الاديب جورج جرادق في كتابه ( الامام علي (ع) صوت العدالة الانسانية )قائلاً :" هل عرفت من الخلق عظيماً يلتقي مع المفكرين بسمو فكّرهم , ومع الخيرّيَن بحبهم العميق للخير , ومع العلماء بعلمهم , ومع الباحثين بتنقيبهم , ومع ذوي المودَّة بمودتهم , ومع الزهَّاد بزهّدهم , ومع المعلمين بإصلاحهم , ومع المتألمين بآلامهم , ومع المظلومين بمشاعرهم وتمردهم , ومع الادباء بأدبهم ، ومع الابطال ببطولاتهم , ومع الشهداء بشهادتهم , ومع كل انسانية بما يشرفهاويرفع من شأنها , ثم ان له في كل ذلك فضل القول الناتج عن العمل , والتضحية المتصلة بالتضحية والسابقة في الزمان ! " .
ومن هذا فان لعليٌ عقلٌ وعلمٌ وبلاغةٌ وشجاعة ٌوعطفٌ وحنانٌ تجاوز كل المقاييس وارتفع الى اعلى الدرجات الكمالية في رحاب روح الله , فيلتقي كل ذلك القدر من المزايا وتتّحدفي رجل من ابناء آدم وحواء .
عباس ساجت الغزي
التعليقات