التوافق السياسي والمحاصصة السياسية
أصبحت اليوم بديلاً عن هيمنت السلطة الدكتاتورية السابقة في تعطيل البناء المؤسساتي الذي كان يفترض ان يكون من أولويات البناء الديموقراطي الجديد حيث ساهمت المحاصصة والتوافق السياسي ومبدأ التوزان في المساس بالكثير من المفاهيم الديمقراطية واهمها الفصل بين السلطات واستقلالية الهيئات المستقلة ، وماحدث في قانون المفوضية المستقله للأنتخابات والمعايير التي اتبعت في ترشيح الاعضاء- دليل واضح على هذه الانتهاكات ، وعندما نتابع مايحدث في البرلمان العراقي اليوم من خلافات تبين لنا ان غياب التوافق السياسي اصبح عائقاً امام اقرار القوانيين والتشريعات حيث ان هناك طرفين يختلفان دائماً في المواقف والسياسات التي يتبعها كل منهما حتى صارت ميزة تميزه عن الأخر ، ومن خلال متابعة الجلسات الاخيرة وجدنا ان الطرف الاول يحاول ان يعيد اعمار العراق من خلال تقديمه لقانون البنى التحتية وفق سياسة الدفع بالأجل بينما يحاول - الطرف الاخر التشكيك في نوايا الطرف الأول ويختلق الذرائع لعرقلة مشروعه وليس من باب الحرص على المال العام او لخلل في المشروع بل لان الطرف الثاني يعتقد بأن تنفيذه سيكون له ردود ايجابية تعطي انطباعات طيبة عن الحكومة التي تمثل الطرف الاول . غياب التوافق السياسي كونه عملية عرقلة القانون لم تكن لهذا
السبب فقط بل تحاول القوى الرافضة للمشروع اخضاع العملية للمساومة حيث تريد تمرير قانون أخر لاتريد القوى الثانية تمريره وهو قانون العفو العام لأنه يعفي الكثير من المجرمين والمخططين لعمليات القتل والارهاب في العراق والتي استهدفت الأبرياء واستباحة الدماء العراقية الزكية مايحول البرلمان من سلطة تشريعية الى ساحة للصفقات السياسية التي تخدم بعض الاطراف السياسية واتباعها بعيداً عن المصلحة الوطنية وفي الوقت الذي يتخذ الطرف الاول مواقف معينة في سياسته الخارجية تعبر عن رفضه للانتهاكات الاقليمة من قبل دول متعددة كالسعودية وقطر وتركيا نجد ان الطرف الثاني اصبح اكثر حرصاً على زيارة تلك الدول واقامة العلاقات معها با لرغم من الانتهاكات التي تقوم بها تلك الدول وتدخلها السلبي في الملف الامني واخرها اصدار البرلمان التركي قرارا يسمح بتمديد السماح للقوات العسكرية التركية بدخول الأراضي العراقية كل ماتتقدم به الحكومة العراقية من مشاريع خدمية يمكن ان تصب في صالح المواطن يرفضها ذاك الطرف بحجج كثيرة ومختلفة ولكن السبب الحقيقي للرفض أنها تعتبر ان نجاح تلك المشاريع ستكون بمثابة داعاية انتخابية لرئيس الحكومة وستزيد من قاعدته الجماهيرية وبالتالي يحقق نصرا سياسيا على خصومه
وهنا نريد ان نتسائل الى متى يبقى التوافق شرطا للقرار القوانين والتشريعات ؟ وكيف سنبني البلد؟
فالطرف الذي يطالب الحكومة بتقديم الخدمات عليه ان يقدم المساندة عبر الموافقة على المشاريع الخدمية التي تقترحها وتشريع القوانين التي تساعدها على تحقيق التقدم في ملف الخدمات والملفات الاخرى
ما نريد ان نقوله ان العراق لان يتمكن من النهوض ، وان التجربة العراقية لان يكتب لها النجاح في ظل الخارطة السياسية الحالية لان الشراكة والتوافق السياسي لا ينجحا في دعم الحكومة في تنفيذ برامجها لسبب بسيط وهو ان التوافق جعل القوى السياسية تبحث عن مصالحها الفئوية الضيقة بعيدا عن مصالح الشعب في ظل تفريغ الشعارات الوطنية كالشراكة الوطنية والوحدة الوطنية من محتواها الحقيقي .
لذلك نحن امام تحدي كبير يفرض علينا تغير الخارطة السياسية عبر اللجوء لحكومة اغلبية سياسية والتخلص من الحاجة الى التوافق السياسي الذي اسهم في تعطيل عجلة البناء والتقدم منذ انطلاق التجربة العراقية وحتى اليوم .
النائب جمال البطيخ
التعليقات