الوفاء شيمة الاوفياء
الوفاء صفة المؤمنين الاخيار، الابرار. الوفاء لغة: يعني العهد واكمال الشرط التي تدل على الاكمال والاتمام، وأقول أوفيتك الشيء اذا قضيتك إياه وافياً..
وفي الحديث الشريف (اوفى الله ذمتك) اي اتمها وكل شيء بلّغ تمام الكمال فقد وفى وتم..
والغزالي (رحمه الله) يصف وفاء الأخ لأخيه بأنه الثبات على حبه حتى الموت، وبعد الموت مع اولاده واصدقائه..
ولعل اشرف مكانة للوفاء في القرآن الكريم هي أن يصف الله تبارك وتعالى ذاته القدسية بالوفاء فيقول عز من قائل في سورة التوبة (ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) ومعنى قوله (ومن اوفى بعهده من الله) أنه لا أحد أوفى بعهده ولا اصدق في انجازه وعده من الله (جل جلاله) فهو القادر المتمكن من الوفاء وهو اصدق الواعدين واوفى المعاهدين.
والله (جل جلاله) يوفي كل انسان حقه، سواء أكان مستقيماً أم منحرفاً، صالحاً أم طالحاً فكل واحد منهم وما يستحقه ويليق به ونوه القرآن المجيد بسمو فضيلة الوفاء حين جعلها صفة للأنبياء عليهم السلام، فقال تعالى في سورة النجم (وإبراهيم الذي وفىّ) وذلك ان ابراهيم (عليه السلام) بذل غاية جهده في كل ما طولب به من ربه، فبذل ماله في طاعة الله وقدم ولده إسماعيل قرباناً لله حتى فداه الله، ووفى الله بكلمات الله المشار اليها في قوله تعالى (وإذ ابتلى ابراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن) وقاوم الوثنية والاشراك، وفضل حق ربه على حق أبيه واحتمل ابتلاء الاحراق بالنار في سبيل الله إلى غير ذلك من الوان الوفاء..
إن الوفاء من الأخلاق الكريمة، والخلال الحميدة، وهوصفة من صفات النفوس الشريفة، يعظم في العيون، وتصدق فيه خطرات الظنون. وقد قيل: إن الوعد وجه، والإنجاز محاسنه، والوعد سحابة، والإنجاز مطره.
إن رسول الإسلام صلى الله عليه وعلى اله وصحبه و سلم يقول: ".. لا دين لمن لا عهد له".
إن الوفاء من أعظم الصفات الإنسانية، فمن فُقِد فيه الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته.
والناس مضطرون إلى التعاون، ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء به، ولولا ذلك لتنافرت القلوب وتكئبت النفوس وصعب التعايش .
وقد عُظم حال السَّمَوْأل فيما التزم به من الوفاء بدروع امرئ القيس، حيث فقد ابنه ولم يسلم الدروع مما يدل على أن الوفاء قيمة عظيمة قدَّرها عرب الجاهلية، وقد أقرَّهم الإسلام على ذلك، والعجيب أن ذلك في الناس قليل وبسبب قلته فيهم قال الله تعالى: (وَمَا وَجَدْنَا لاكثرهم مِنْ عَهْدٍ)
إن للوفاء أنواعًا عديدة،:
منها الوفاء بالوعد، والوفاء بالعهد، والوفاء بالعقْد. والوفاء لله سبحانه وتعالى والوفاء لرسوله صلى الله عليه وسلم والوفاء للناس ..وسنتحدث بشيء من الايجاز عن الوفاء مع الناس .
إن الحديث عن الوفاء مع الناس حديث ذو شجون؛ فكم من الناس وعَدَ ثم أخلف، و عاهد ثم غدر.
إن رسول الله - سيد الأوفياء -صلى الله عليه وسلم، كان وفيًّا حتى مع الكفار، فحين رجع من الطائف حزينًا مهمومًا بسبب إعراض أهلها عن دعوته، وما ألحقوه به من أذىً، لم يشأ أن يدخل مكة كما غادرها، إنما فضل أن يدخل في جوار بعض رجالها، فقبل المطعم بن عدي أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره، فجمع قبيلته ولبسوا دروعهم وأخذوا سلاحهم وأعلن المطعم أن محمدًا في جواره، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم الحرم وطاف بالكعبة، وصلى ركعتين، ثم هاجر وكون دولة في المدينة، وهزم المشركين في بدر ووقع في الأسر عدد لا بأس به من المشركين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له". [رواه البخاري].
فانظر إلى الوفاء حتى مع المشركين..
وهل تعرف أبا البحتري بن هشام؟ إنه أحد الرجال القلائل من المشركين الذين سعوا في نقض صحيفة المقاطعة الظالمة، فحفظ له الرسول جميله وقدره ، فلما كان يوم بدر قال صلى الله عليه وسلم: "من لقي أبا البحتري بن هشام فلا يقتله". فأي وفاء هذا فحري بنا ان نتذكر مَنْ أحسنوا إلينا في حياتنا ونتذكر احسان والدينا ومعلمينا الطيبين ..
إن الوفيَّ يحفظ الجميل ولا ينساه ولو بعد عشرات السنين.
أبشروا بقول نبينا محمد افضل الصلاة والسلام عليه : "اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكُفُّوا أيديكم".
وضع نصب عينيك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان"
ثم هل تفي عزيزي القارىء إذا عاهدت؟ إن الوفاء بالعهود من أعظم أخلاق أهل الإيمان.
مدينة حمص؟ هذه المدينة السورية ... كيف دخل أهلها في دين الإسلام؟ لقد فتح المسلمون كثيرًا من بلاد الشام، ودعوا أهل حمص - وكانوا نصارى - إلى الإسلام، فأبوا وقبلوا الجزية، وفي مقابل دفعهم الجزية التزم المسلمون بحمايتهم والدفاع عنهم، ولكن الرومان أعادوا ترتيب صفوفهم لحرب المسلمين فطُلب من الجيش الإسلامي الذي كان في حمص أن يخرج منها للانضمام إلى بقية الجيش في غيرها من بلاد الشام، فقام المسلمون برد الأموال التي سبق لهم قبضها من النصارى، فتعجب أهل حمص وسألوا المسلمين: لماذا رددتم لنا أموال الجزية؟ فأجابهم المسلمون بأنهم غير قادرين على حمايتهم، وهم إنما أخذوا هذه الأموال بشرط حماية هؤلاء النصارى، وطالما أنهم لا يستطيعون الوفاء بالشرط فيجب أن يردوا الأموال.
هنا استشعر أهل حمص عظمة هذا الدين، وكمال وسمو أخلاق أهله، فدخلوا في دين الله ، وبقيت قوات المسلمين معهم تدفع عن أهل حمص أذى الرومان.
أرأيتم ماذا يفعل الوفاء؟!!
إن الحديث عن الوفاء يطول، ولكني خشيت أن أُمِلَّكم.. جعلنا الله وإياكم من الكرام الأوفياء.
وميعاد الكريم عليه ديْنٌ.. .. ..فلا تزد الكريم على السلامِ
يُذَكِّرُه سَـلامُك ما عليه.. .. ..و يغنيك السلامُ عن الكلامِ
الفقيد سمير بشير النعيمي
التعليقات
الاسم: |
سميربشير النعيمي |
التاريخ: |
2012-09-10 18:45:24 |
|
الاخ الفاضل ابو رياض
تحية واحترام
الوفاء صفة الاوفياء المخلصين وكما تفضلت تشيد عليها صرح العلاقات الانسانية وبدونه يتعرض البنيان للسقوط
صدقت اخي الكريم وبوركت بمرورك وبتعليقاتك القيمة |
|
الاسم: |
ابراهيم ثلج الجبوري |
التاريخ: |
2012-09-10 07:43:53 |
|
تحية طيبة اخي العزيز ابو اثير المحترم إن الوفاءوالثقة المتبادلة بين الناس هي الأساس المتين الذي يمكن ان يشيـد عليها صرح العلاقات الإنسانية،وبدون هذا الأساس فان البنيان بأسره يكون معرضا للسقوط.والحقيقة ان الإخلاص والوفاء بالعهد هو أمر ذو قيمة عليا في حياة الناس.فالإنسان الوفي والمخلص له قيمة كبيرة،والإنسان عديم الإخلاص يعتبر عديم القيمة.والواقع ان الإنسان يجب ان يتيح الفرصة للآخرين للتعبير عن إخلاصهمووفائهم ،وبذلك يجعلهم يشعرون بقيمة أكثر تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.تحياتي |
|